التعاليم وعلّمها، وركّض في الألواح قلمها، وأتقن من صور الهيئة ومثّلها، وأسس قواعد البراهين وأثّلها، وأعرف من زاول شكاية، ودفع عن جسم نكاية، إلى غير ذلك من المشاركة في العلوم، والوصول من المجهول إلى المعلوم، والمحاضرة المستفزّة للحلوم، والدّعابة التي ما خلع «١» العذار فيها بالملوم. فما شئت من نفس عذبة الشّيم، وأخلاق كالزهر من بعد الدّيم، ومحاضرة تتحف المجالس والمحاضر، ومذاكرة يروق النواظر «٢» زهرها الناضر. وله أدب ذهب في الإجادة كل مذهب، وارتدى من البلاغة بكل رداء مذهب، والأدب نقطة من حوضه، وزهرة من زهرات روضه، وسيمرّ له في هذا الديوان، ما يبهر العقول، ويحاسن بروائه ورائق بهائه الفرند المصقول.
فمن ذلك ما خرّجته من ديوان شعره المسمّى ب «السّليمانيات والعربيات «٣» » من النّسيب «٤» : [الطويل]
ألا استودع الرحمن بدرا مكمّلا ... بفاس من الدرب الطويل مطالعه
وفي «٥» فلك الأزرار يطلع «٦» سعده ... وفي أفق الأكباد تلفى مواقعه
يصيّر مرآه منجّم مقلتي ... فتصدق في قطع الرجاء قواطعه
تجسّم من نور «٧» الملاحة خدّه ... وماء الحيا فيه ترجرج مائعه
تلوّن كالحرباء في خجلاته ... فيحمرّ قانيه ويبيضّ ناصعه
إذا اهتزّ غنّى حليه فوق نحره ... كغصن النّقا غنّت عليه سواجعه
يذكر حتف الصّبّ عامل قدّه «٨» ... وتقطف «٩» من واو العذار توابعه
أعدّ الورى «١٠» سيفا كسيف لحاظه ... فهذا هو الماضي وذاك يضارعه «١١»