الواصف، ولأقلّ مما احتوى عليه هذا الفتح تهتزّ المعاطف، إذ الإيمان اهتزّ إعطافا، وتوشح به عطافا. وهل الكتب وإن طال، نبذة من نبذ الفتوح، وفلذة من كبد النّصر الممنوح، وزهرة من غصن النّدى المروح، أدنينا لإخائكم الكريم منه اقتطافا، والسلام.
شعره: [البسيط]
ما لي وللصبر عني دونكم حجبا ... وطالما هزّني أنسي لكم طربا
فحين شبّ النوى في أضلعي لهبا ... هززت سيف اصطباري بعدكم فنبا
وقلت للقلب يسلو بعدكم فأبى
غبتم فغاب لذيذ الأنس والوسن ... وخانني جلدي فيكم فأرّقني
ذكرى ليالينا في غفلة الزمن ... فارقتموني وطيب العيش فارقني
وصرت من بعدكم حيران مكتئبا
من لي بقربكم في حفظ عهدكم ... فكم ظفرت به أيام ودّكم
وكم جرى دمع أجفاني لفقدكم ... فلو بكيت دما من بعدكم
لم أقض من حقّ ذاك القرب ما وجبا
لله أيامنا ما كان أجملها ... أعزت «١» بآخرها شكرا وأولها
من حسنها لم أزل أصبو بها ولها ... يا صاح، صبرا على الأيام إنّ لها
على تصاريفها من أمرها عجبا
صبرا على زمن يبديك شيمته ... اقبل مساءته واحمد مسرّته
فما عسى يبلغ الإنسان منيته ... ومن كرهت ومن أحببت صحبته
لا بدّ أن يفقد الإنسان من صحبا
قلت «٢» : عجبا من الشيخ ابن الخطيب، رحمه الله، في ذكره هذا المترجم به في ترجمة المقرئين، مع تحليته له، ووصفه إياه بما وصفه من الكتابة والشّعر، بل وإثباته له كتابته، وشعره، فكان حقّه أن يكون في ترجمة الكتّاب والشعراء بعد هذه الترجمة.