وهمت من دون سحابها البيض سحائب الغيث السّجوم، والعقيلة التي أبدى الإسلام يوم طلاقها، وهجوم فراقها، سمة الوجوم لذلك الهجوم فرمتها البلاد المسلمة بأفلاذ أكبادها الوادعة، وأجابت منادي دعوتك الصّادقة الصّادعة، وحبتها «١» بالفادحة الفادعة، فغصّت الرّبى والوهاد بالتّكبير والتّهليل، وتجاوبت الخيل بالصّهيل، وانهالت الجموع المجاهدة في الله تعالى انهيال الكثيب المهيل. وفهمت نفوس «٢» العباد المجاهدة في الله حقّ الجهاد معاني التّيسير من ربّها والتّسهيل، وسفرت الرايات عن المرأى الجميل، وأربت المحلّات المسلمة «٣» على التأميل. ولمّا صبحتها النواصي «٤» المقبلة الغرر، والأعلام المكتتبة الطّرر، برز حاميتها مصحرين «٥» ، وللحوزة «٦» المستباحة مستنصرين، فكاثرهم «٧» من سرعان الأبطال رجل الدّبى «٨» ، ونبت «٩» الوهاد والرّبى، فأقحموهم من وراء السّور، وأسرعت أقلام الرّماح في بسط عددهم المكسور، وتركت صرعاهم ولائم للنّسور. ثم اقتحموا ربض المدينة الأعظم فافترعوه «١٠» ، وجدّلوا من دافع عن أسواره وصرعوه، وأكواس «١١» الحتوف جرّعوه، ولم يتصل أولى الناس بأخراهم، ويحمد «١٢» بمخيّم النصر العزيز سراهم، حتى خذل الكفّار «١٣» الصبر وأسلم الجلد، وأنزل «١٤» على المسلمين النصر فدخل البلد، وطاح في السيل الجارف الوالد منه «١٥» والولد، وأتهم «١٦» المطرف منه «١٧» والمتلد، فكان هولا بعيد الشّناعة، وبعثا «١٨» كقيام الساعة، أعجل المجانيق عن الركوع والسجود، والسلالم عن مطاولة النّجود، والأيدي عن ردم الخنادق والأغوار، والأكبش عن مناطحة الأسوار، والنّفوط عن إصعاق الفجّار «١٩» ، وعمد الحديد، ومعاول «٢٠» البأس