وأدنينا إليها المراحل، وعيّنّا لبحار «١» المحلّات المستقلّات منها الساحل. ولمّا أكثبنا «٢» جوارها، وكدنا نلمح «٣» نارها، تحرّكنا ووشاح الأفق المرقوم بزهر النجوم قد دار دائره، والليل من خوف الصّباح على سرحه المستباح قد شابت غدائره، والنّسر يرفرف باليمن طائره، والسّماك الرامح «٤» يثأر بعزّ «٥» الإسلام ثائره، والنّعائم راعدة فرائص الجسد، من خوف الأسد، والقوس يرسل سهم السعادة، بوتر العادة، إلى أهداف «٦» النّعم المعادة، والجوزاء عابرة نهر المجرّة، والزّهرة تغار من الشّعرى العبور بالضّرّة، وعطارد يسدي في حبل «٧» الحروب، على البلد المحروب ويلحم، ويناظر على أشكالها الهندسيّة «٨» فيفحم، والأحمر يبهر، والعلم الأبيض يفري وينهر، والمشتري يبدي في فضل الجهاد ويعيد، ويزاحم في الحلقات»
على ما للسعادة من الصفات ويزيد، وزحل عن الطالع منزحل، [وعن العاشر مرتحل]«١٠» ، وفي زلق السّقوط وحل، والبدر يطارح حجر المنجنيق، كيف يهوي إلى النّيق، ومطلع الشمس يرقب، وجدار الأفق يكاد بالعيون عنها ينقب.
ولمّا فشا سرّ الصباح، واهتزّت أعطاف الرّايات لتحيّات مبشّرات الرّياح، أطللنا «١١» عليها إطلال الأسود على الفرائس، والفحول على العرائس، فنظرنا منظرا يروع بأسا ومنعة، ويروق وضعا وصنعة، تلفّعت معاقله الشّمّ للسّحاب ببرود، ووردت من غدير «١٢» المزن في برود، وأسرعت لاقتطاف «١٣» أزهار النجوم، والذّراع بين النطاق معاصم رود، وبلدا «١٤» يعيي الماسح والذارع «١٥» ، وينتظم المحاني والأجارع. فقلنا اللهمّ نفّله أيدي عبادك «١٦» ، وأرنا فيه آية من آيات جهادك، فنزلنا بساحتها العريضة المتون، نزول الغيث الهتون، وتيمّنّا من فحصها الأفيح بسورة التّين والزيتون، متبرّية «١٧» من أمان الرحمن للبلد المفتون، وأعجلنا الناس بحميّة نفوسهم النّفيسة، وسجيّة شجاعتهم البئيسة، عن أن نبوّئ للقتال المقاعد، وندني بإسماع