وحمده، ناسبا لك الأصالة «١» بعمده. وإن أعيا عليك وجود أكثر هذه الخلال، وسبق إلى نقيضها «٢» شيء من الاختلال، فاطلب منه سكون النّفس وهدونها «٣» ، وأن لا يرى منك رتبة إلّا رأى قدره دونها، وتقوى الله تفضل شرف الانتساب، وهي للفضائل فذلكة الحساب. وساو في حفظ غيبه بين قربه ونأيه، واجعل حظّه من نعمتك موازيا لحظّك من حسن رأيه، واجتنب منهم من يرى في نفسه إلى الملك سبيلا، أو يقود من عيصه للاستظهار عليك قبيلا، أو من كاثر مالك ماله، أو من تقدم لعدوّك استعماله، أو من سمت لسواك آماله، أو من يعظم عليه إعراض وجهك، ويهمّه نادرة «٤» نهجك «٥» ، أو من يداخل غير أحبابك، أو من ينافس أحدا ببابك.
وأمّا الجند فاصرف التّقويم «٦» منهم للمقاتلة، والمكايدة المخاتلة «٧» ، واستوف عليهم شرائط الخدمة، وخذهم بالثّبات للصّدمة، ووفّ ما أوجبت لهم من الجراية والنّعمة، وتعاهدهم عند الغناء بالعلف «٨» والطّعمة، ولا تكرّم منهم إلّا من أكرمه غناؤه، وطاب في الذّبّ عن ملّتك «٩» ثناؤه، وولّ «١٠» عليهم النّبهاء من خيارهم، واجتهد في صرفهم عن الافتنان بأهلهم «١١» وديارهم، ولا توطّئهم الدّعة مهادا، وقدّمهم على حفظك «١٢» وبعوثك متى «١٣» أردت جهادا، ولا تلن «١٤» لهم في الإغماض عن حسن طاعتك قيادا، وعوّدهم حسن المواساة بأنفسهم اعتيادا، ولا تسمح لأحد منهم في إغفال شيء من سلاح استظهاره، أو عدّة اشتهاره، وليكن ما فضل عن «١٥» شبعهم وريّهم، مصروفا إلى سلاحهم وزيّهم، والتّزيّد في مراكبهم وغلمانهم، من غير اعتبار لأثمانهم. وامنعهم من المستغلّات والمتاجر، وما يتكسّب منه غير المشاجر، وليكن من الغزو اكتسابهم، وعلى المغانم حسابهم، كالجوارح التي تفسد باعتيادها، أن تطعم من غير اصطيادها. واعلم أنها لا تبذل نفوسها من عالم الإنسان، إلّا لمن يملك قلوبها بالإحسان وفضل اللّسان، ويملك حركاتها بالتّقويم، ورتبها بالميزان القويم، ومن تثق بإشفاقها «١٦» على أولادها،