خبره خبره، وكانت رغبته في حسن الذّكر، تشفّ «١» على غيرها من بنات الفكر، واجتنب منهم من غلب «٢» عليه التّخرّق في الإنفاق، وعدم الإشفاق، والتنافس في الاكتساب، وسهل عليه سوء الحساب، وكانت ذريعته المصانعة بالنّفاية، دون التّقصّي والكفاية، ومن كان منشؤه خاملا، ولأعباء الدّناءة حاملا، وابغ من يكون الاعتذار في أعماله، أوضح من الاعتذار في أقواله، ولا يفتننّك من «٣» قلّدته اجتلاب الحظّ المطمع «٤» ، والتّنفّق بالسّعي المسمع، ومخالفة السّنن المرعيّة وإتباعه رضاك بسخط الرعيّة، فإنه قد غشّك، من حيث بلّك ورشّك، وجعل من يمينك في شمالك، حاضر مالك. ولا تضمّن عاملا مال عمله، وحل بينه فيه وبين أمله، فإنّك تميت رسومك بمحيّاه، وتخرجه من خدمتك فيه إلّا أن تملّكه إيّاه. ولا تجمع له في «٥» الأعمال فيسقط استظهارك ببلد على بلد، والاحتجاج على والد بولد، واحرص على أن يكون في الولاية غريبا، ومتنقّله منك قريبا، ورهينة لا يزال معها مريبا، ولا تقبل مصالحته على شيء اختانه، ولو برغيبة فتّانه، فتقبل المصانعة في أمانتك، وتكون مشاركا له «٦» في خيانتك، ولا تطل مدّة العمل، وتعاهد كشف الأمور ممّن يرعى الهمل، ويبلغ الأمل.
وأما الولد فأحسن آدابهم، واجعل الخير دابهم «٧» ، وخف عليهم من إشفاقك وحنانك، أكثر من غلظة جنانك، واكتم عنهم ميلك، وأفض عليهم جودك ونيلك، ولا تستغرق بالكلف بهم يومك ولا ليلك، وأثبهم على حسن الجواب، وسبّق إليهم «٨» خوف الجزاء على رجاء الثواب، وعلّمهم الصّبر على الضّرائر، والمهلة عند استخفاف الجرائر، وخذهم «٩» بحسن السّرائر، وحبّب إليهم مراس الأمور «١٠» الصعبة المراس، وحصّن «١١» الاصطناع والاغتراس، والاستكثار من أولي المراتب والعلوم، والسياسات والحلوم، والمقام المعلوم، وكرّه إليهم مجالسة الملهين، ومصاحبة السّاهين، وجاهد أهواءهم عن عقولهم، واحذر «١٢» الكذب على مقولهم، ورشّحهم