في القتال عرفوه، وقالوا: هامشك، معناه ترى المقطوع الأذن، إذ «ها» عندهم قريب مما هي في اللغة العربية، و «المشك» المقطوع الأذنين في لغتهم «١» .
نباهته وظهوره: ولمّا خرج بنو هود عن سرقسطة، نشأ تحت خمول، إلّا أنه شهم متحرّك، خدم بعض الموحّدين في الصّيد، وتوسّل بدلالة الأرض؛ ثم نزع إلى ملك قشتالة واستقرّ مع النصارى؛ ثم انصرف إلى بقيّة اللّمتونيين «٢» بالأندلس بعد شفاعة وإظهار توبة. ولمّا ولّي يحيى بن غانية قرطبة، ارتسم لديه برسمه. ثم كانت الفتنة عام تسعة وثلاثين وثار ابن حمدين بقرطبة، وتسمّى بأمير المؤمنين، فبعثه رسولا ثقة بكفايته ودربته وعجمة لسانه؛ لمحاولة الصلح بينه وبين ابن حمدين، فأغنى ونبه قدره؛ ثم غلي مرجل الفتنة وكثر الثوّار بالأندلس، فاتصل بالأمير ابن عياض بالشرق وغيره، إلى أن تمكّن له الامتزاز «٣» بحصن شقوبش، ثم تغلّب على مدينة شقورة «٤» وتملّكها وهي ما هي من النّعمة، فغلظ أمره، وساوى محمد بن مردنيش «٥» أمير الشرق وداخله، حتى عقد معه صهرا على ابنته، فاتصلت له الرياسة والإمارة. وكان يعدّ سيفا لصهره المذكور، مسلّطا على من عصاه، فقاد الجيوش، وافتتح البلاد إلى أن فسد ما بينهما، فتفاتنا وتقاطعا، وانحاز بما لديه من البلاد والمعاقل، وعدّ من ثوّار الأندلس أولي الشوكة الحادّة، والبأس الشديد، والشّبا المرهوب. وآثاره بعد انقباض دولته تشهد بما تأثّل من ملك وسلف من الدولة؛ والدّار الآخرة خير لمن اتّقى. قال ابن صفوان:[الخفيف]
وديار شكوى الزمان فتشك ... حدّثتنا عن عزّة ابن همشك
حاله: قال محمد بن أيوب بن غالب، المدعو بابن حمامة: أبو إسحاق الرئيس، شجاع بهمة «٦» من البهم. كان رئيسا شجاعا مقداما شديد الحزم، سديد