والمداينة، حسن الخلق، كثير التجمّل مبتلى بالموقب والطّانز «١» ، يسمع ذي القحة، ويصمّ على ذوي المسألة.
ظهوره وحظوته: لبس الحظوة شملة، لم يفارق طوقها رقبته، إذ كان صهرا للمتغلب على الدولة أبي عبد الله بن المحروق «٢» ، صار بسهم في جذور خطته، وألقى في مرقة حظوته، مشتملا على حاله، بعباءة جاهه. ثم صاهر المصيّر الأمر إليه بعده القائد الحاجب أبا النعيم رضوان، مولى الدولة النصرية، وهلمّ جرّا، بعد أن استعمل في السّفارة إلى العدوة وقشتالة، في أغراض تليق بمبعثه، مما يوجب فيه المياسير والوجوه، مشرّفين معزّزين بمن يقوم بوظيفة المخاطبة والجواب، والردّ والقبول. وولّي وزارة السلطان، لأول ملكه في طريق من ظاهر جبل الفتح إلى حضرته، وأياما يسيرة من أيام اختلاله، إلى أن رغب الخاصّة من الأندلسيين في إزالته، وصرف الأمر إلى الحاجب المذكور الذي تسقّط مع رئاسته المنافسة، وترضّى به الجملة.
محنته: وامتحن هو وأخوه، بالتّغريب إلى تونس، عن وطنهما، على عهد السلطان الثالث من بني نصر «٣» . ثم آب عن عهد غير بعيد، ثم أسن واستسرّ أديمه، وضجر عن الركوب إلى فلاحته التي هي قرّة عينه، وحظّ سعادته، يتطارح في سكّة المتردّدين بإزاء بابه، مباشر الثّرى بثوبه، قد سدكت «٤» به شكاية شائنة، قلّما يفلت منها الشيوخ، ولا من شركها، فهي تزفه بولاء، بحال تقتحمها العين شعثا، وبعدا عن النظر، فلم يطلق الله يده من جدته على يده، فليس في سبيل دواء ولا غذاء إلى أن هلك.