حاله: كان فقيها عارفا بعقد الشروط، مبرّزا في العدد والفرائض، أديبا، شاعرا، محسنا، ماهرا في كل ما يحاول. نظم في الفرائض، وهو ابن ثمان «١» وعشرين سنة، أرجوزة محكمة بعلمها، ضابطة، عجيبة الوضع. قال ابن عبد الملك:
وخبرت منه في تكراري عليه، تيقّظا وحضور ذهن، وتواضعا، وحسن إقبال وبرّ، وجميل لقاء ومعاشرة، وتوسّطا صالحا فيما يناظر فيه من التواليف، واشتغالا بما يعنيه من أمر معاشه، وتخاملا في هيئته ولباسه، يكاد ينحطّ عن الاقتصاد، حسب المألوف والمعروف بسبتة. قال ابن الزبير: كان أديبا لغويّا، فاضلا، إماما في الفرائض.
مشيخته: تلا بمالقة على أبي بكر بن دسمان، وأبي صالح محمد بن محمد الزّاهد، وأبي عبد الله بن حفيد، وروى بها عن أبي الحسن سهل بن مالك، ولقي أبا بكر بن محرز، وأجاز له، وكتب إليه مجيزا أبو الحسن بن طاهر الدباج، وأبو علي الشلوبين. ولقي بسبتة الحسن أبا العباس بن علي بن عصفور الهواري، وأبا المطرّف أحمد بن عبد الله بن عفيرة، فأجازا له. وسمع على أبي يعقوب بن موسى الحساني الغماري.
من روى عنه: روى عنه الكثير ممّن عاصره، كأبي عبد الله بن عبد الملك وغيره.
تواليفه: من ذلك الأرجوزة الشهيرة في الفرائض، لم يصنّف في فنّها أحسن منها. ومنظوماته في السّير، وأمداح النبي، صلى الله عليه وسلم، من ذلك المعشّرات على أوزان العرب، وقصيدة في المولد الكريم، وله مقالة في علم العروض الدّوبيتي.
شعره: وشعره كثير، مبرّز الطّبقة بين العالي والوسط، منحازا أكثر إلى الإجادة جمّة، وتقع له الأمور العجيبة فيه كقوله:[المنسرح]
الغدر في الناس شيمة سلفت ... قد طال بين الورى تصرّفها
ما كلّ من سرّبت «٢» له نعم ... منك يرى قدرها ويعرفها
بل ربما أعقب الجزاء بها ... مضرّة عنك عزّ مصرفها
أما ترى الشمس تعطف بالنّ ... ور على البدر وهو يكسفها؟
دخوله غرناطة: أخبر عن نفسه أن أباه انتقل به إلى الأندلس، وهو ابن تسعة أعوام، فاستوطن به غرناطة ثلاثة أعوام، ثم رحل إلى مالقة، فسكن بها مدّة، وبها