وسهم بينه وبين بنيه غير طائش؛ فهو الذي شتّت الشّمل وصدعه، وما رفع سيف بعماده إلّا وضعه، ولا بلّ غليلا أحرقه بنار وجده ولا نفعه. فأقسم ما ذات خضاب وطوق، شاكية غرام وشوق، برزت في منصّتها، وترجمت عن قضيّتها، أو غربت عن بيتها، ونفضت شرارة زفرتها عن عينها، ميلا حكت الميلا والغريض، وعجماء ساجلت بسجعها القريض، وكصّت «١» الفود فكأنما نقرت العود، وردّدت العويل، كأنما سمعت النّقيل، نبّهت الواله فثاب، وناحت بأشواقها فأجاب. حتى إذا افترّ بريقها، استراب في أنّتها، فنادى يا حصيبة الساق، ما لك والأشواق؟ أباكية ودموعك راقية؟ ومحرّرة وأعطافك حالية؟ عطّلت الخوافي، وحلّيت القوادم، وخضّبت الأرجل، وحضرت المآتم. أمّا أنت، فنزيعة خمار، وحليفة أنوار وأشجار، تتردّدين بين منبر وسرير، وتتهادين بين روضة وغدير؛ أسرفت في الغناء، وإنما حكيت خرير الماء، وولعت بتكرير الراء، فقالت: أعد نظر البقير، ولأمر ما جدع أنفه قصير، أنا التي أغرقت في الرّزء، فكنّيت عن الكل بالجزء؛ كنت أربع بالفيافي ما ألافي، وآنس مع مقيلي، بكرته وأصيلي، تحتال من غدير إلى شرج «٢» ، وتنتقل من سرير إلى سرج، آونة تلتقط الحبّ، وحينا تتعاطى الحبّ، وطورا تتراكض الفنن، وتارة تتجاذب الشّجن، حتى رماه الدهر بالشّتات، وطرقه بالآفات، فهأنا بعده دامية العين، دائمة الأين، أتعلّل بالأثر بعد العين؛ فإن صعدت مناري، ألهبت منقاري، أو نكأت أحشائي، خضّبت رجلي بدمائي، فأقسم لا خلعت طوق عهده، حتى أردي من بعده، بل ذات خفض وترف، وجمال باهر وشرف، بسط الدهر يدها، وقبض ولدها، فهي إذا عقدت التّمائم على تريب، أو لفّت العمائم على نجيب، حثّت المفؤود، وأدارت عين الحسود، حتى إذا أينعت فسالها، وقضى حملها وفصالها، عمر لحدها بوحيد كان عندها وسطى، وفريد أضحى في نحر عشيرتها سمطا، استحثّت له مهبّات النسيم الطّارق، وخافت عليه من خطرات اللّحظ الرّاشق، فحين هشّ للجياد، ووهب التمائم للنّجاد ونادى الصريم، يا الآل والحريم، فشدّ الأناة، واعتقل القناة، وبرز يختال في عيون لامه، ويتعرّف منه رمحه بألفه ولامه، فعارضه شثن «٣» الكفّين، عاري الشعر والمنكبين، فأسلمه لحتفه، وترك حاشية ردائه على عطفه، فحين انبهم