وجرى ذكره في «التاج المحلّى» بما نصّه «١» : «طلع شهابا ثاقبا، وأصبح بشعره للشّعرى مصاقبا، فنجم وبرع، وتمّم المعاني واخترع؛ إلى خطّ يستوقف الأبصار رائقه، وتقيّد الأحداق حدائقه، وتفتن الألباب فنونه البديعة وطرائقه، من بليغ يطارد أسراب المعاني البعيدة فيقتنصها، ويغوص على الدّرر الفريدة فيخرجها، ويستخلصها بطبع مذاهبه دافقة، وتأييد رايته خافقة. نبه في عصره شرف البيان من بعد الكرى، وانتدب بالنشاط إلى تجديد ذلك البساط وانبرى، فدارت الأكواس، وتضوّع الورد والآس، وطاب الصّبوح، وتبدّل الروح المروح، ولم تزل نفحاته تتأرّج، وعقائل بناته تتبرّج، حتى دعي إلى الكتابة، وخطب إلى تلك المثابة، فطرّز المفارق برقوم أقلامه، وشنّف المسامع بدرّ كلامه؛ ثم أجاب داعي نفسه التي ضاق عنها جثمانه، لا بل زمانه، وعظم لها فكره وغمّه، وتعب في مداراتها، وكما قال أبو الطيب المتنبي:
«وأتعب خلق الله من راد محمده» ، فارتحل لطيّته، واقتعد غارب مطيّته، فحجّ وزار، وشدّ للطّواف الإزار. ثم هبّ إلى المغرب وحوّم، وقفل قفول النسيم عن الرّوض بعدما تلوّم، وحطّ بإفريقية على نار القرى، وحمد بها صباح السّرى، ولم يلبث أن تنقل، ووحر الحميم شفافه وتنغل، ثم بدا له أخرى فشرق، وكان عزمه أن يجتمع فتفرّق» .
مشيخته: روى «٢» عن مشيخة بلده وأشجر، وقيّد واستكثر، وأخذ في رحلته عن أناس شتّى يشقّ إحصاؤهم.
تواليفه: منها كتاب «المساهلة والمسامحة، في تبيين طرق المداعبة والممازحة» ، و «إيقاظ الكرام، بأخبار المنام» ، و «تنعيم الأشباح بمحادثة الأرواح» ، وكتاب «الوسائل، ونزهة المناظر والحمائل» و «الزّهرات، وإجالة النّظرات» ، وكتاب في «التّورية» على حروف المعجم، أكثره مروي الأسانيد عن خلق كثير، والله تعالى يخره؛ وجزء في تبيين المشكلات الحديثة الواصلة من زبيد اليمن إلى مكّة؛ وجزء في بيان اسم «٣» الله الأعظم، وهو كبير الفائدة، و «نزهة الحدق، في ذكر الفرق» ، وكتاب الأربعين حديثا البلدانية، والمستدرك عليها من البلاد التي دخلتها، ورويت فيها، زيادة على الأربعين، و «روضة العباد المستخرجة من الإرشاد» ، وهو من تأليف شيخنا القطب أبي محمد الشافعي؛ والأربعون حديثا التي رويتها عن الأمراء والشيوخ،