خبز الذّرة منتنا، ويرى أنه قد فضل بذلك أنسا وحسنا، وجده ناقصا زائفا، فيرجع حامله وجلا خائفا، ويبقى القاضي فقيد الهجوع، يشدّ الحجر على بطنه من الجوع، على أنني أحمد خلاء البطن، وما بجسمي لا يحكى من الوهن؛ لتعذّر المرحاض، وبعد ماء الحياض، وكمون السّباع في الغياض، وتعلّق الأفاعي بالرّداء الفضفاض، ونجاسة الحجارة، وكثرة تردّد السّيارة، والانكشاف للريح العقيم، والمطر المنصبّ إلى الموضع الذميم. هذه الحال، وعلى شرحها مجال، وقد صدقتك سنن فكري، وأعلمتك بذات صدري، فتجلّى الغرارة غرور، وشهود الشّهد زور، والطّمع في الصّرّة إصرار، ودون التّبر يعلم الله تيّار. وأما الكبش، فحظّي منه غباره إذا خطر، والثّور بقرنه إذا العيد حضر، كما أن حظّي من الجدي التأذّي بمسلكه، وإنّ جدي السماء لأقرب لي من تملّكه، وأنا من الحلاوة سالم ابن حلاوة، ولا أعهد من طرف الطرف الدّماوة، ودون الدّجاج كل مدجّج، وعوض الأترجّ رجّة بكل معرج، ولو عرفت أنك تقبل على علّاتها الهدايا، وتوجب المزيد لأصحابك المزايا، لبعثت بالقماش، وأنفذت الرّياش، وأظهرت الغنى، والوقوف بمبنى المنى، وأوردتها عليك من غير هلع، مطّلعة في الجوف بعد بلع، من كل ساحليّة تقرّب إلى البحر، وعدوية لا تعدّ وصدر مجلس الصّدر، حتى أجمع بين الفاكهة والفكاهة، ويبدو لي بعد الشقف وجوه الوجاهة، وأتبرأ من الصّدّ المذموم، ولا أكون أهدأ من القطا لطرق اللّوم؛ لأنك زهدت في الدنيا زهد ابن أدهم، وألهمك الله من ذلك أكرم ما ألهم؛ فيدك من أموال الناس مقبوضة، وأحاديث اللها الفاتحة للها مرفوضة؛ وإذا كان المرء على دين خليله، ومن شأنه سلوك نهجه وسبيله، فالأليق أن أزهد في الصّفراء والبيضاء، وأقابل زخرف الدنيا بالبغضاء، وأحقّق وأرجو على يدك حسن التخلّي، والاطّلاع على أسرار التّجلّي؛ حتى أسعد بك في آخرتي ودنياي، وأجد بركة خاطرك في مماتي ومحياي؛ أبقاك الله بقاء يسر، وأمتع بمناقبك التي يحسدها الياقوت والدّر، ولا زلت في سيادة تروق نعتا، وسعادة لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وأقرأ عليك سلاما عاطر العرف، كريم التأكيد والعطف، ما رثى لحالي راث، وذكرت أدّاية حراث، ورحمة الله وبركاته. وكتبه أخوك ومملوكك، وشيعة مجدك، في الرابع والعشرين من جمادى الأولى عام أربعة وستين وسبعمائة» .
مولده: بغرناطة عام ثلاثة عشر وسبعمائة.
محنته: توجّه رسولا عن السلطان إلى صاحب تلمسان السلطان أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيّان، وظفر بالجفن الذي ركبه العدو، بأحواز جزيرة حبيبة، من جهة وهران، فأسر هو ومن بأسطول