وثغر «١» روط. ثم صرفت المطامع عزمه إلى الحضرة، فقصد مرجها، وكفّ الله عاديته، وقمعه، ونصر الإسلام عليه، ودالت للدين عليه الهزيمة العظمى بالمرج من ظاهر غرناطة على بريد منها، واستولى على محلّته «٢» النّهب، وعلى فرسانه ورجاله القتل، وعظم الفتح، وبهر الصنع وطار الذكر، وثاب السّعد. وكانت الوقيعة سادس جمادى الأولى من عام تسعة عشر وسبعمائة، وفي ذلك يقول كاتبه شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب:
الحمد حقّ الحمد للرحمن ... كافي العدو وناصر الإيمان
ومكيّف الصنع الكريم ودافع ال ... خطب العظيم وواهب الإحسان
في كل أمر للمهيمن حكمة ... أعيت على الأفكار والأذهان
واستقرّ ملكهم القتيل بأيدي المسلمين بعد فرارهم، فجعل في تابوت خشب، ونصب بالسور المنازل من الحمراء يسار الداخل بباب يعقوب من أبوابها، إذاعة للشّهرة، وتثبّتا لتخليد الفخر.
ومن الغريب أنني في هذه الأيام بعد خمسين سنة تماما «٣» ، تفقدت ذلك المكان في بعض ما أباشره، أيام نيابتي عن السلطان بدار ملكه على عادتي، فألفيته قد علا عليه كوم من الحجارة، رجم الصبيان إياه، فظهر لي تجديد الإشادة به، والاستفتاح بوقوع مثله، ولمّا كشف عن الرّمة لتنقل إلى وعاء ثان، ألفي بعظم القطن «٤» العريض منها سنان مرهب ثبت في العظم، انتزع منه، وقد غالبتني الرقّة والإجهاش، وقلت اللهمّ ادّخر رضوانك لمن أودع في هذه الرّمّة الطاغية، سنان جهادك إلى اليوم، وأثبه وارفع درجته، إنك أهل لذلك.
رجع «٥» : واستقامت الأيام، وهلك المخلوع، فصفا الجو، واتّحدت الكلمة، وأمكن الجهاد، فتحرّك في شهر «٦» رجب من عام أربعة وعشرين وسبعمائة، وأعمل القصد «٧»
إلى بلاد العدو، ونازل حصن إشكر «٨» ، الشّجى المعترض «٩» في حلق