تحت جناح سيفه العمران، واتّسع بطاعته المرهبة الجوانب ببأسه النظر، وانفسخ الملك، وكان ميمون الطائر، مطعم الظّفر «١» ، مصنوعا له في الأعداء، يقنع أقتاله بسلمه، ولا يطمع أعداؤه في حربه. قال ابن عسكر «٢» : يكنى أبا مسعود، وكان من أهل الحزم وحماية الجانب، وكان يخطب ويدعو للعلويّين بمالقة «٣» ، فلمّا توفي إدريس بن يحيى العالي «٤» ، ملك مالقة سنة ثمان وأربعين وأربعمائة «٥» .
وقال الفتح في قلائده «٦» : «كان باديس بن حبّوس بغرناطة عاتيا في فريقه، عادلا عن سنن العدل وطريقه؛ يجترئ على الله غير مراقب، ويسري «٧» إلى ما شاء غير ملتفت للعواقب؛ قد حجب سنانه لسانه، وسبقت إساءته إحسانه؛ ناهيك من رجل لم يبت من ذنب على ندم، ولم «٨» يشرب الماء إلّا من قليب دم؛ أحزم من كاد ومكر، وأجرم من راح وابتكر؛ وما زال متّقدا في مناحيه، متفقّدا لنواحيه، لا يرام بريث ولا عجل، ولا يبيت له جار إلّا على وجل» .
أخباره في وقائعه: ينظر إيقاعه بزهير العامري ومن معه في اسم زهير، فقد ثبت منه هنالك نبذة، وإيقاعه بجيش ابن عبّاد بمالقة عندما طرق مالقة وتملّكها، واستصرخ من استمسك بقصبتها من أساودتها، وغير ذلك مما هو معلوم، وشهرته مغنية عن الإطالة.
ومن أخباره في الجبرية والقسوة، قال ابن حيّان: عندما استوعب الفتكة بأبي نصر بن أبي نور اليفرني أمير رندة المنتزي بها وقتله، ورجوعها إلى ابن عباد؛ حكى أبو بكر الوسنشاني الفقيه عن ثقة عنده من أصادقة التّجّار، أنه حضر مدينة غرناطة، حضرة باديس بن حبّوس الجبار، أيام حدث على أبي نصر، صاحب تاكرنّا، ما حدث، وأن أميرها باديس قام للحادثة وقعد، وهاج من داء عصبيّته ما قد سكن، وشقّ أثوابه، وأعلن أعواله، وهجر شرابه الذي لا صبر له عنه، وجفا ملاذّه؛ وأوهمته