خلون من جمادى الأولى. وكان أميرا بمرسية، فوجّه عنه خيران حين أحسّ بالموت، فوصل إليه، وكان عنده إلى أن مات. فخرج زهير مع ابن عباس «١» إلى الناس، فقال لهم: أمّا الخليفة خيران فقد مات، وقد قدّم أخاه زهيرا هذا، فما تقولون؟ فرضي الناس به، فدامت مدة ولايته عشرة أعوام ونصف عام إلى أن قتل.
مناقبه: قال أبو القاسم الغافقي «٢» : وكان حسن السّيرة جميلها؛ بنى المسجد في ألمريّة، ودار «٣» فيه من جهاته الثلاث، المشرق والمغرب والجوف؛ وبنى مسجدا ببجّانة، وشاور الفقهاء، وعمل بقولهم؛ وملك قرطبة، ودخل قصرها، يوم الأحد لخمس بقين من شعبان سنة خمس وعشرين وأربعمائة، ودام سلطانه عليها خمسة عشر شهرا ونصف شهر.
قال ابن عذاري «٤» : وأما زهير الفتى فامتدّت «٥» أطناب مملكته من ألمريّة إلى قرطبة «٦» ونواحيها، وإلى بيّاسة، وإلى الفجّ من أول طليطلة. وقالوا «٧» : قرّ ما بينه وبين باديس فأرسل باديس «٨» إلى زهير رسوله مكاتبا مستدعيا تجديد المحالفة، فسارع زهير، وأقبل نحوه، وضيّع الحزم، واغترّ بالعجب، ووثق بالكثرة، أشبه شيء بمجيء الأمير الضخم إلى عامل «٩» من عمّاله، قد ترك رسم «١٠» الالتقاء بالنّظراء وغير ذلك من وجوه الحزم، وأعرض عن ذلك كله؛ وأقبل ضاربا بسوطه، حتى تجاوز الحدّ الذي جرت «١١» العادة بالوقوف عنده من عمل باديس دون إذنه؛ وصيّر الأوعار والمضايق خلف ظهره، فلا يفكّر فيها، واقتحم البلد، حتى صار «١٢» إلى باب غرناطة. ولمّا وصل خرج باديس في جمعه، وقد أنكر اقتحامه عليه، وعدّه حاصلا