حال المحاربة ببعض الألحان المهيّجة، ورماتهم قسيّهم غريبة جافية، وكلّهم في دروع، والإحجام عندهم، والتقهقر مقدار الشّبر ذنب عظيم، وعار شنيع، ورماتهم يثبتون للخيل في الطّراد، وحالهم في باب التّحليّ بالجواهر، وكثرة آلات الفضة، غريب. وبعد انقضاء سبعة عشر يوما كان رجوعه ورجوع البرنس المذكور معه مصاحبا بأمراء كثيرين من خترانه «١» وقرابته، وبعد أن أسلفوه مالا كثيرا، واختصّ منه صاحب الأنتكيرة، بمائتي ألف دينار من الذهب إلى ما اختصّ به غيره، وارتهنوا فيه ولده وذخيرته. وكان ينفق على نفسه وجيشه بحسب دينار واحد من الذهب للفارس في ثلاثة أيام. وكان تأليف الجيوش في بنبلونة في أزيد من ثلاثين ألفا، وعسر عليهم المجاز على فحص أحدونيه، لبلاد تمسك لطاعة القند أخيه؛ فصالح القوم صاحب نبارّه «٢» على الإفراج لهم، ونزلت المحلّات في فحص نبارّة، ما بين حدود أرض نبارّة وقشتالة، ونزل المتصيّر إليه أمر قشتاله، القند بإزائها في جموع لم تنتظم لمثله، إلّا أنه لشهامته واغتراره، أجاز خندقا كان بين يديه، وعبر جسرا نشب فيه عند الجولة. وكان اللقاء بين الفريقين يوم السبت سادس إبريل العجمي، وبموافقة شعبان من عام ثمانية وستين. وكان هذا الجمع الإفرنجي الآتي من الأرض الكبيرة «٣» في صفوف ثلاثة، مرتبة بعضها خلف بعض، ليس فيهم فارس واحد، إنما هم رجّالة، سواء أميرهم ومأمورهم، في أيديهم عصي جافية في غلظ المعاصم؛ يشرعونها أمامهم، بعد إثبات زجاجها «٤» فيما خلفهم من الأرض، يستقبلون منها وجوه عدوّهم، ونحور خيله، ويجعلونها دعائم وتكآت لبناء مصافّهم، فلم تقلقهم المحلات، وبين أيديهم من الرّماه النّاشبة الدّارعة، ما لا يحصيهم إلّا الله عزّ وجلّ. وسايرهم السلطان، مستدعى نصرهم راجلا أميالا برأيهم؛ إلى أن أعيا بعد ميلين منها فأركبوه بغلة حملوه بينهم عليها، إلى موقف اللقاء والقند، وكان على مقدمة القوم الدك أخو البرنس، والبرنس مع السلطان مستجيره في القلب، والقند المعروف بقند أرمانيان، وكثير من الأمراء؛ ردى وسيفه دونهم، ومن خلف الجميع الخيل بجنبها ساستهم وغلمانهم وخدّامهم، ووراءها دوابّ الظّهر وأبغالهم، وفي أثناء هذه العبيّة من البنود وآلات الحرب والطرب والأبواق ما يطول ذكره. وكان في مقدمة القند المستأثر بملك قشتالة؛ أخوه شانجه في رجل قشتالة، قد ملأ السّهل والجبل، ومن خلفهم أولو