مقدارها، جعلها «١» ثغر الإسلام ومتبوّأ العرب الأعلام، قبيل رسوله، عليه أفضل الصلاة وأزكى «٢» السلام، وما خصّها به من اعتدال الأقطار، وجريان الأنهار، وانفساح الاعتمار «٣» ، والتفاف الأشجار. نزلها العرب الكرام عند دخولهم مختطّين ومقتطعين «٤» ، وهبّوا بدعوة فضلها مهطعين «٥» ، فعمروا وأولدوا، وأثبتوا المفاخر وخلّدوا، إلى أن صارت دار ملك، ولبّة «٦» سلك، فنبه المقدار وإن كان نبيها، وازدادت الخطّة ترفيعا «٧» ، وجلب إلى «٨» سوق الملإ بما نفق فيها. فكم ضمّت جدرانها من رئيس يتّقي الصباح هجومه، ويتخوّف اللّيل طروقه «٩» ووجومه، ويفتقر الغيث لنوافله «١٠» الممنوحة وسجومه، وعالم يبرز للفنون فيطيعه عاصيها، ويدعو «١١» بالمشكلات فيأخذ بنواصيها، وعالم «١٢» بالله قد وسم السجود جبينه، وأشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّ يمينه، وبليغ قد «١٣» أذعنت لبراعة خطّه وشيجة الخط، يغوص على درر البدائع، فيلقيها من طرسه الرائع «١٤» على الشّط، لم يقم بحقها ممتعض حقّ الامتعاض، ولا فرّق بين جواهرها وبين «١٥» الأغراض. هذا وسمر «١٦» الأقلام مشرعة، ومكان القول والحمد لله ذو سعة، فهي الحسناء «١٧» التي عدمت الذّام، وزيّنت «١٨» الليالي والأيام. والهوى «١٩» إن قيل كلفت بمغانيها، وقصرت الأيام على معانيها، فعاشق الجمال عذره مقبول «٢٠» ، ولله درّ أبي الطيب حيث