وكان يعقد للناس مجلسا عاما، يومين في كل أسبوع، فترتفع إليه الظلامات، ويشافه طالب الحاجات، وتنشده الشعراء، وتدخل إليه الوفود، ويشافه أرباب النصائح في مجلس اختصّ به أهل الحضرة، وقضاة الجماعة، وأولي الرتب النّبيهة في الخدمة، بقراءة أحاديث من الصّحيحين، ويختم بأعشار من القرآن. ثم ينتقل إلى مجلس خاص، ينظر فيه في أموره، فيصرف كل قصد إلى من يليق به ذلك، ويؤاكل بالعشيّات خاصته من القرابة؛ ومن يليهم من نبهاء القوّاد.
أولاده: أعقب ثلاثة من الذكور، محمدا وليّ عهده وأمير المسلمين على أثره؛ والأميرين أبا سعيد فرج، وأبا الحجاج يوسف؛ توفّيا على حياته؛ حسبما يتقرر بعد إن شاء الله.
وزراء دولته: وزر له جماعة؛ الوزير أبو مروان عبد الملك بن يوسف بن صناديد، زعيم قاعدة جيّان؛ وهو الذي مكّنه من ناصية جيّان المذكورة. واستوزر علي بن إبراهيم الشّيباني من وجوه حضرته، وذوي النّسب من الفضلاء أولي الدّماثة والوقار. واستوزر الرئيس أبا عبد الله ابن الرئيس أبي عبد الله الرّميمي. واستوزر الوزير أبا يحيى ابن الكاتب من أهل حضرته، وغيرهم ممن تبلغ به الشهرة مبلغا فيهم.
كتّابه: كتب له من الجلّة جماعة، كالكاتب المحدّث الشهير أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن سعيد اليحصبي اللّوشي، ولما توفي كتب عنه ولده أبو بكر بن محمد. هؤلاء مشاهير كتّابه، ومن المرؤوسين أعلام، كأبي بكر بن خطاب وغيره.
قضاته: ولي له قضاء الجماعة، القاضي العالم الشهير، أبو عامر يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري، من جلّة أهل الأندلس في كبر البيت، وجلالة المنصب، وغزارة العلم. ثم ولي بعده الفقيه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الجليل بن غالب الأنصاري الخزرجي. ثم ولي بعده الفقيه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد السلام التميمي، وهذا الرجل من أهل الدين والأصالة، وآخر قضاة العدل. ثم ولي بعده الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عياض بن موسى اليحصبي. ثم ولي بعده الفقيه القاضي الحسيب أبو عبد الله بن أضحى، وبيته شهير، ولم تطل مدته. وولي بعده آخر قضاته أبو بكر محمد بن فتح بن علي الإشبيلي، الملقب بالأشبرون.