والعشرين لجمادى الثانية المذكورة، ودفن بالمقبرة الجامعة العتيقة بسنام السّبيكة، وعلى قبره اليوم منقوش:
«هذا قبر السلطان الأعلى، عزّ الإسلام، جمال الأنام، فخر الليالي والأيام، غياث الأمة، غيث الرحمة، قطب الملة، نور الشريعة، حامي السنّة، سيف الحق، كافل الخلق، أسد الهيجاء، حمام الأعداء، قوام الأمور، ضابط الثغور، كاسر الجيوش، قامع الطغاة، قاهر الكفرة والبغاة، أمير المؤمنين، علم المهتدين، قدوة المتقين، عصمة الدين، شرف الملوك والسلاطين، الغالب بالله، المجاهد في سبيل الله، أمير المسلمين، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الأنصاري، رفعه الله إلى أعلى عليّين، وألحقه بالذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصّدّيقين، والشهداء والصالحين. ولد، رضي الله عنه، وأتاه رحمة من لدنه، عام أحد وتسعين وخمسمائة، وبويع له يوم الجمعة السادس والعشرين من رمضان عام خمسة وثلاثين وستمائة، وكانت وفاته يوم الجمعة بعد صلاة العصر التاسع والعشرين لجمادى الآخرة عام أحد وسبعين وستمائة، فسبحان من لا يفنى سلطانه، ولا يبيد ملكه، ولا ينقضي زمانه، لا إله إلّا هو الرحمن الرحيم» .
ومن جهة أخرى: [البسيط]
هذا محلّ العلى والمجد والكرم ... قبر الإمام الهمام الطاهر العلم
لله ما ضمّ هذا اللحد من شرف ... ومن شيم علوية الشّيم
بالجود والباس ما تحوي صفائحه ... لا بأس عنترة ولا ندى هرم
مغني الكرامة والرضوان يعهده ... فخر الملوك الكريم الذات والشيم
مقامه في كلا يومي ندى ووغى ... كالغيث في مجد وكالليث في أجم
مآثر تليت آثارها سورا ... تقرّ بالحق فيها جملة الأمم
كأنه لم يسر في محفل لجب ... تضيق عنه بلاد العرب والعجم
ولم يباد العدا منه ببادرة ... يفتر منها الهدى عن ثغر مبتسم
ولم يجهز لهم خيلا مضمرة ... لا تشرب الماء إلّا من قليب دم
ولم يقم حكم عدل في سياسته ... تأوي رعيته منه إلى حرم
من كان يجهل ما أولاه من نعم ... وما حواه لدين لله من حرم
فتلك آثاره في كل مكرمة ... أبدى وأوضح من نار على علم
لا زال تهمي على قبر تضمّنه ... سحائب الرحمة الوكّافة الدّيم