للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للإنصاف، عارفا بالأحكام والقراءات «١» ، مبرّزا في الحديث تاريخا وإسنادا وتعديلا وتجريحا «٢» ، حافظا للأنساب والأسماء والكنى، قائما على العربية، مشاركا في الأصول والفروع، واللغة والعروض والفرائض والحساب، مخفوض الجناح، حسن التخلق «٣» ، عطوفا على الطلبة، محبّا في العلم والعلماء، مجلّا لأهله «٤» ، مطّرح «٥» التصنّع، عديم المبالاة بالملبس، بادي الظاهر، عزيز النفس، نافذ الحكم، صوّالة، معروف بنصرة من أزر إليه. تقدّم للشياخة «٦» ببلده مالقة، ناظرا في أمور العقد والحل، ومصالح الكافة. ثم ولّي القضاء بها، فأعزّ الخطة، وترك الهوادة وإنفاد الحق «٧» ملازما للقراءة والإقراء، محافظا للأوقات، حريصا على الإفادة.

ثم ولّي القضاء «٨» والخطابة بغرناطة في العشر الأول لمحرم سبعة وثلاثين وسبعمائة، فقام بالوظائف، وصدع «٩» بالحق، وجرّح «١٠» الشهود فزيّف منهم ما ينيف على السبعين «١١» عددا، واستهدف بذلك إلى معاداة ومناضلة خاض ثبجها، وصادم تيّارها، غير مبال بالمغبّة، ولا حافل بالتّبعة، فناله لذلك من المشقّة، والكيد العظيم ما نال مثله، حتى كان «١٢» يمشي إلى الصلاة ليلا في مسلّة، لا يطمئن على حاله.

جرت في هذا الباب حكايات إلى أن استمرت الحال على ما أراده الله، وعزم عليه الأمير في بعض من الخطّة، ليردّه إلى العدالة، فلم يجد في قناته مغمزا، ولا في عوده معجما، وتصدّر لبثّ العلم بالحضرة، يقرئ فنونا منه جمّة، فنفع وخرّج، ودرّس العربية والفقه والأصول، وأقرأ القرآن، وعلم الفرائض والحساب، وعقد مجالس الحديث شرحا وسماعا، على سبيل من انشراح الصّدر، وحسن التجمّل، وخفض الجناح «١٣» .