وأظهره، أمرنا أن يعتنى بأحواله، ويعان على فراغ باله، ويجرى عليه سيب من ديوان الأعشار الشرعية وصريح ماله، وقلنا: أما أتاك من غير مسألة مستند صحيح لاستدلاله، ففرّ من مالقة على ما تعرّفنا لهذا السبب، وقعد بحضرتنا مستور المنتمى والمنتسب، وسكن بالمدرسة بعض الأماكن المعدّة لسكنى المتّسمين بالخير، والمحترفين ببضاعة الطّلب، بحيث لم يتعرّف وروده ووصوله إلّا ممّن لا يؤبه بتعريفه، ولم تتحقق زوائده وأصوله لقلّة تصريفه. ثم تلاحق إرسالكم الجلّة. فوجبت حينئذ الشفاعة، وعرضت على سوق الحلم والفضل من الاستلطاف والاستعطاف البضاعة، وقررنا ما تحققناه من أمره، وانقباضه عن زيد الخلق وعمره، واستقباله الوجهة التي من ولّى وجهه شطرها فقد آثر أثيرا، ومن ابتاعها بمتاع الدنيا فقد نال فضلا كبيرا وخيرا كثيرا، وسألنا منكم أن تبيحوه ذلك الغرض الذي رماه بعزمه، وقصر عليه أقصى همّه. فما أخلق مقامكم أن يفوز منه طالب الدّنيا بسهمه، ويحصل منه طالب الآخرة على حظّه الباقي وقسمه، ويتوسّل الزاهد بزهده والعالم بعلمه، ويعوّل البريء على فضله، ويثق المذنب بحلمه. فوصل الجواب الكريم بمجرد الأمان، وهو أرب من آراب «١» ، وفائدة من جراب، ووجه من وجوه إعراب، فرأينا أن المطل بعد جفاء، والإعادة ليس يثقلها خفاء، ولمجدكم بما ضمّنا عنه وفاء، وبادرنا الآن إلى العزم عليه في ارتحاله، وأن يكون الانتقال عن رضا منه من صفة حاله، وأن يقتضي له ثمرة المقصد، ويبلغ طيّة الإسعاف في الطريق إن قصد، إذ كان الأمان لمثله ممن تعلّق بجناب الله من مثلكم حاصلا، والدّين المتين بين نفسه وبين المخافة فاصلا، وطالب «٢» كيمياء السّعادة بإعانتكم واصلا. ولما مدّت اليد في تسويغ حالة هديكم عليها أبدا يحرّض، وعلمكم يصرّح بمزيتها ولا يعرّض، فكمّلوا أبقاكم الله ما لم تسعنا فيه مشاحة الكتاب، وألحقوا بالأصل حديث هذه الإباحة فهو أصحّ حديث في الباب، ووفّوا غرضنا من مجدكم، وخلّوا بينه وبين مراده من ترك الأسباب، وقصد غافر الذنب وقابل التّوب بإخلاص المتاب، والتّشمير ليوم العرض وموقف الحساب، وأظهروا عليه عناية الجناب، الذي تعلّق به، أعلق الله به يدكم من جناب، ومعاذ الله أن تعود شفاعتنا من لدنكم عير مكملة الآراب. وقد بعثنا من ينوب عنا في مشافهتكم بها أحمد المناب، ويقتضي خلاصها بالرّغبة لا بالغلاب، وهما فلان وفلان. ولولا الأعذار لكان في هذا الغرض إعمال الرّكاب، بسبق «٣» أعلام الكتاب، وأنتم تولون هذا القصد من مكارمكم ما يوفّر الثناء الجميل، ويربي على التّأميل، ويكتب على الودّ الصريح العقد وثيقة