وأنت وإن لم تبق مني صبابة ... منى النفس لم تقصد سواك بوجهة
وكلّ فصيح منك يسري لمسمعي ... وكلّ مليح منك يبدو لمقلتي
تهون عليّ النّفس فيك وإنها ... لتكرم أن تغشى سواك بنظرة
فإن تنظريني بالرّضا تشف علّتي ... وإن تظفريني باللقا تطف غلّتي
وإن تذكريني والحياة بقيدها ... عدلت لأمتي منيتي بمنيّتي
وإن تذكريني بعدما أسكن الثرى ... تجلّت دجاه عند ذاك وولّت
صليني وإلّا جدّدي الوعد تدركي ... صبابة نفس أيقنت بتفلّت
فما أمّ بوّ هالك بتنوفة «١» ... أقيم لها خلف الحلاب فدرّت
فلمّا رأته لا ينازع خلفها ... إذا هي لم ترسل عليه وضنّت
بكت كلّما راحت عليه وإنها ... إذا ذكرته آخر الليل حنّت
بأكثر منّي لوعة غير أنني ... رأيت وقار الصّبر أحسن حلية
فرحت كما أغدو إذا ما ذكرتها ... أطامن أحشائي على ما أجنّت
أهوّن ما ألقاه إلّا من القلى ... هوى ونوى نيل الرّضا منك بغيتي
أخوض الصّلى أطفي العلا والعلوّ لا ... أصلّ السّلا أرعى الخلى بين عبرتي
ألا قاتل الله الحمامة غدوة ... لقد أصلت الأحشاء نيران لوعة
وقاتل مغناها وموقف شجوها ... على الغصن ماذا هيّجت حين غنّت
فغنّت غناء أعجميّا فهيّجت ... غرامي من ذكرى عهود تولّت
فأرسلت الأجفان سحبا وأوقدت ... جواي الذي كانت ضلوعي أكنّت «٢»
نظرت بصحراء البريقين نظرة ... وصلت بها قلبي فصلّى وصلّت
فيا لهما قلبا شجيّا ونظرة ... حجازيّة لو جنّ طرف لجنّت
ووا عجبا للقلب كيف اعترافه ... وكيف بدت أسراره خلف سترة
وللعين لمّا سوئلت كيف أخبرت ... وللنفس لما وطّنت كيف دلّت
وكنّا سلكنا في صعود من الهوى ... يسامي بأعلام العلا كلّ رتبة
إلى مستوى ما فوقه فيه «٣» مستوى ... فلمّا توافينا ثبثّ وزلّت