المراتب، وتتبين الأصدقاء والأجانب، فينصرف هذا، وحظّه التهريب، والنظر الحديد، وينفصل هذا وبين يديه المنذر الصّيت والنعش الجديد. ثم يغشى دار الميت ويسأل عن الكيت والكيت، ويقول: عليّ بما في البيت. أين دعاء الثّاغية والرّاغية؟
أين عقود الأملاد بالبادية؟ وقد كانت لهذا الرجل حالا في حال. وقد ذكر في الأسماء الخمسة فقيل: ذو مال. وعيون الأعوام ترنو من عل، وأعناقهم تشرئبّ إلى خلف الكلل، وأرجلهم تدبّ إلى الأسفاط دبيب الصّقور إلى الحجل. والموتى قد وجبت منهم الجنوب، وحضر الموروث والمكسوب، وقيّد المطعوم والمشروب. وعدّت الصحاح، ووزنت الأرطال وكيلت الأقداح. والشّهود يغلظون على الورثة في الأليّة، ويصونهم بالبتات في النشأة الأوّلية. والروائح حين تفعم الأرض طيبا، وتهدي الأرواح شذا يفعل في إزعاجها على الأبدان فعلا عجيبا. والدلّال يقول: هذا مفتاح الباب، والسّمسار يصيح: قام النّدا فما تنتظرون بالثبات؟ والشّاهد يصيح فتعلو صيحته، والمشرف يشرب فتسقط سبحته. والمحتضر يهسّ ألا حيّ فلا تسمعون، ويباهي لون العباء عليه الجواب رب أرجعون. ما هذا النّشيج والضّجيج؟ متّ كلا لم أمت. ومن حجّ له الحجيج، فترتفع له الأصوات، كي لا يفسح فيه الممات. ويبقر بطنه برغمه، ويحفر له بجانب أبيه وبحذا أمّه. ثم يشرع في نفسه الفرض، ولو أكفئت السماوات على الأرض. ويقال لأهل السّهام: أحسنوا، فالإحسان ثالث مراتب الإسلام، وقد نصّ ابن القاسم على أجرة القسّام. وسوّغه أصبغ وسحنون، ولم يختلف فيه مطّرف وابن الماجشون. إن قيل إيصال الحقائق إلى أرجائها، حسن فجزاء الإحسان إحسان، وقيل إخراج النّسب والكسور كفايه، فللكاهنين حلوان. اللهمّ غفرا، ونستقيل الله من انبساط يجرّ غدرا، ونسأل الله حمدا يوجب المزيد من نعمائه وشكرا. ولولا أن أغفل عن الخصم، وأثقل رحل الفقيه أبي النجم، لأستغلّن المجلس شرحا، ولكان لنا في بحر المباسطة سبح، ولأفضنا في ذكر الوارث والورّاث، وبيّنّا العلّة في أقسام الشهود مع المشتغل بنسبة الذكور مع الإناث. والله يصل عزّ أخي ومجده، ويهب له قوة تخصّه بالفائدة وجدّه، ويزيده بصيرة يتّبع بها الحقوق إلى أقصاها، وبصرا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها، ودام يحصي الخراريب والفلوس والأطمار، ويملأ الطّوامر بأقلامه البديعة الصّنعة، ويصل الطّومار بالطّومار والسلام.
والشيء بالشيء يذكر، قلت: ومن أظرف ما وقعت عليه في هذا المعنى، قال بعض كتاب الدولة الحكمية «١» بمنورقة، وقد ولّاه خطّة المواريث، وكتب إليه راغبا