للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم الفقيه الأجلّ، العالم العلم، الأوحد، النحوي، الأديب المتفنن، أبو علي عمر بن عبد المجيد الأزدي، قرأت عليه القرآن العزيز مفردات، وكتاب الجمل، والإيضاح، وسيبويه تفقها، وكذلك الأشعار السّتة تفقها، وما زلت مواظبا له إلى أن توفي رحمه الله. وكان فريد عصره في الذكاء والزكا. ولم يكن في حلبة الأستاذ أبي زيد السّهيلي أنجب منه على كثرتهم. وقد قال الأستاذ أبو القاسم السهيلي للإمام المنصور، رضي الله: هو أقعد لكتاب سيبويه منّا. وقال لي يوما، وقد نظر إلى طالب يصغي بكليته إلى ثان، فقلت: ماذا؟ فقال: إنّ حبّ الشيء يعمي ويصمّ، فقلت له:

ويعيد الصّبح ليلا مدلهمّ، فاستحسنه.

ومنهم الفقيه الأجلّ، الأديب الأريب الكامل، اللغوي الشهير، أبو علي ابن كسرى الموري، قريبي ومعلّمي. وكان من طلبة أبي القاسم السّهيلي، وممن نبغ صغيرا. وهو الذي أنشد في طفولته السيد أبا إسحاق الكبير بإشبيلية: [الكامل]

قسما بحمص «١» وإنه لعظيم ... فهي المقام وأنت إبراهيم

وكان بالحضرة الأستاذ أبو القاسم السهيلي، فقام عند إتمامه القصيدة، فقال: لمثل هذا كنت أحسيك الحسا، ولمثل هذا كنت أواصل في تعليمك الإصباح والإمساء. وقد أنشد هذا لأمير المؤمنين أبي يعقوب «٢» ، رضي الله عنه:

[الطويل]

أمعشر أهل الأرض بالطّول والعرض ... بهذا أنادي في القيامة والعرض

فقد قال الله فيك ما أنت أهله ... فيقضى بحكم الله فيك بلا نقض

فإياك يعنى ذو الجلال بقوله ... كذلك مكّنّا ليوسف في الأرض

ومنهم الفقيه الأجل، العالم المحدّث، الحافظ الفاضل المؤثر، السيد أبو محمد القرطبي، قرأت عليه القرآن بالروايات مفردات، وتفقهت في الجمل والأشعار، وأجازني جميع ما رواه. وكذلك فعل كل واحد ممن تقدّم ذكره. وكان، رحمه الله، آخر الناس علما ونزاهة وحسن خلق، وجمال سمت وأبهة ووقار، وإتقان وضبط، وجودة وحفظ.