وجرى ذكره في التاج بما نصّه «١» : مدير أكواس «٢» البيان المعتّق، ولعوب بأطراف الكلام المشقّق، انتحل لأول أمره الهزل من أصنافه، فأبرز درّ معانيه من أصدافه، وجنى ثمرة الإبداع لحين قطافه. ثم تجاوزه إلى المعرّب «٣» وتخطّاه، فأدار كأسه المترع وعاطاه، فأصبح لفنّيه «٤» جامعا، وفي فلكيه شهابا لامعا، وله ذكاء يطير شرره، وإدراك تتبلّج غرره، وذهن يكشف الغوامض، ويسبق البارق الوامض»
، وعلى ذلاقة لسانه، وانفساح أمد إحسانه، فشديد الصّبابة بشعره «٦» ، مغل لسعره.
شعره: أخبرني الكاتب أبو عبد الله بن سلمة، أنه خاطبه بشعر أجابه عنه بقوله، في رويّه «٧» : [الخفيف]
أحرز الخصل من بني سلمه ... كاتب تخدم الظّبا قلمه
يحمل الطّرس عن «٨» أنامله ... أثر الطّرس «٩» كلّما رقمه «١٠»
وتمدّ البيان فكرته «١١» ... مرسلا حيث يمّمت ديمه
خصّني متحفا بخمس إذا ... بسم الرّوض فقن مبتسمه
قلت أهدى زهر الرّبا خضلا ... فإذا كلّ زهرة كلمه
أقسم الحسن لا يفارقها ... فأبرّ انتقاؤها قسمه
خطّ أسطارها ونمّقها ... فأتت كالقعود منتظمه
كاسيا من حلاه لي حللا ... رسمها من بديع ما رسمه
طالبا عند عاطش نهلا ... ولديه الغيوث منسجمه
يبتغي الشّعر من أخي بله ... أخرس العيّ والقصور فمه
أيها الفاضل الذي حمدت «١٢» ... ألسن المدح والثّنا شيمه
لا تكلّف أخاك مقترحا ... نشر عار لديه قد كتمه