وستمائة، فاستقرّ بأوريولة «١» ، إلى أن استدعاه «٢» إلى سبتة الرئيس بها «٣» ، أبو علي بن خلاص «٤» ، فوفد عليه، فأجلّ وفادته، وأجزل إفادته، وحظي عنده حظوة تامة. ثم توجّه إلى إفريقية، فاستقرّ ببجاية. وكانت بينه وبين كتّاب عصره مكاتبات ظهرت فيها براعته.
مشيخته: روى «٥» ببلده وغيرها «٦» عن أبي بكر عزيز بن خطّاب، وأبي الحسن «٧» سهل بن مالك، وابن قطرال، وأبي الرّبيع بن سالم، وأبي عيسى بن أبي السّداد، وأبي علي الشّلوبين، وغيرهم.
من روى عنه: روى عنه صهره أبو القاسم بن نبيل، وأبو الحسن محمد بن رزيق.
شعره: قال القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك: وكان له في الزّهد، ومدح النبيّ صلى الله عليه وسلم، بدائع، ونظم في المواعظ للمذكّرين كثيرا. فمن ذلك قوله في توديع رمضان وليلة القدر:[الطويل]
مضى رمضان كأن «٨» بك قد مضى ... وغاب سناه بعد ما كان أومضا
فيا عهده ما كان أكرم معهدا ... ويا عصره أعزر عليّ أن انقضا
ألمّ بنا كالطيف في الصيف زائرا ... فخيّم فينا ساعة ثم قوّضا
فياليت شعري إذ نوى غربة النّوى ... أبالسّخط عنّا قد تولّى أم الرّضا؟
قضى الحقّ فينا بالفضيلة جاهدا ... فأي فتى فينا له الحق قد قضا؟
وكم من يد بيضاء أسدى لذي تقى ... بتوبته فيه الصحائف بيّضا
وكم حسن قد زاده حسنا وسنا ... محاه وبالإحسان والحسن عوّضا
فلله من شهر كريم تعرّضت ... مكارمه إلّا لمن كان أعرضا