حتى رأى بصري حقائق وصفه ... فتنعّمت كالأقمار نواظري «١»
لا زال محبوّا بكل مسرّة ... تجري له بالحظّ حكم مغادر
ثم خاطبه القاضي المنتشاقري بعد انصرافه إلى وطنه بقوله: [المتقارب]
أبى الدّمع بعدك إلّا انفجارا ... لدهر ببعدك في الحكم جارا
أذاق اللقاء الحلو لو لم يصل «٢» ... به للنّوى جرعات مرارا
رعى الله لمح ذاك اللقاء ... وإن يك أشواقنا قد أثارا
قصاراي شكواي طول النوى ... وفقدي أناة وصل قصارا
سقتني القداح ومن بعده ... فؤادي «٣» القريح قد اذكت أوارا
ألا يا صبا، هبّ من أربعي ... إلى وادي آشي «٤» تحي الدّيارا
ألا خصّ من ربعها منزلا ... بأربابه الأكرمين استنارا
وهم إلى حزب الإله الألى «٥» ... تساموا فخارا وطابوا نجارا
فأجابه بأبيات منها «٦» :
تألّق برق العلا واستنارا ... فأجّج إذ لاح في القلب نارا
وذكّرني وقت «٧» أنس مضى ... برندة حيث الجلال استشارا «٨»
وكانت لنفسي سنا «٩» في حماها ... طوالا فأصبحت «١٠» لديها قصارا
فأجريت دمع العيون اشتياقا ... ففاضت لأجل فراقي بحارا
وقالت لي النّفس من لم يجد ... نصيرا سوى الدّمع قلّ انتصارا
قطعت المنى عندها لمحة ... وودّعتها وامتطيت القفارا
وضيّعت تلك المنى غفلة ... ووافيت أبغي المنى «١١» ديارا «١٢»
ومنها:
أرقت لذاك السّنا ليلة ... وما نومها ذقت إلّا غرارا