وقال يخاطبه وقد وقف على بعض قصيدة: [الكامل]
رقّت حواشي طبعك ابن خميس ... فهفا قريضك بي وهاج رسيسي
ولمثله يصبو الحليم ويمتري ... ما للشروق به وسير العيس
لك في البلاغة والبلاغة بعض ما ... تحويه من أثر محلّ رئيسي
نظم ونثر لا تبارى فيهما ... مهّدت «١» ذاك وذا بعلم الطّوس
وقال عند وفاته وربما نسبت لغيره: [الخفيف]
ربّ أنت الحليم فاغفر ذنوبي ... ليس يعفو عن الذنوب سواكا
ربّ ثبّت عند السؤال لساني ... وأقمني على طريق هداكا
ربّ كن لي «٢» إذا وقفت ذليلا ... ناكس الرأي أستحي أن أراكا
ربّ من لي والنار قد قربت لي ... وأنا قد أبحت عهد حماكا؟
ربّ مالي من عدّة لمآلي ... غير أني أعددت صدق رجاكا
ربّ أقررت أنّني «٣» عبد سوء ... حلمك الجمّ غرّه فعصاكا
ربّ أنت الجواد بالخير دوما ... لم تزل راحما فهب لي رضاكا
ربّ إن لم أكن لفضلك أهلا ... باجترائي فأنت أهل لذاكا
نثره: ومن نثره ما خاطب به صديقين له بمرسية من مدينة إشبيلية:
كتبته، كتب الله لكما فوزا بالحسنى، وأجناكما من ثمرات إحسانه أكثر ما يجنى. من إشبيلية، وحالي بحمد الله حسنة، ونفسي بحبّ قربكما مرتهنة، وعليّ بما لديكما من السّراوة التي جبلتما على فطرتها، وامتزتما في الاجتلاء بغرّتها، علم لا يدخله الشكّ، ونسبتي إلى ودّكما الذي لبسته معلما، وتقلّدته محرما، لا يعبّر عن معناها إلّا بما لا يزال ولا ينفكّ. فلنثن عنان القلم عن مداده، ونأخذ في حديث سواه. وصلنا إشبيلية ضحوة يوم الثلاثاء خامس ربيع الآخر، ولقينا الإفانت «٤» على ميلين، وفزنا بما ظهر من بشره واعتنائه بقرار الخاطر، وقرة العين، ونزلنا في الأخبية