ومارق حرب عوان «١» ، والأيام كرات تتلقّف، وأهوال «٢» لا تتوقّف، فألوى بهم الدهر وأنحى «٣» ، وأغام جوّهم بعقب ما أصحى «٤» ، فشملهم الاعتقال، وتعاورتهم «٥» النّوب الثقال، واستقرّت بالمشرق ركابه، وحطّت به أقتابه، فحجّ واعتمر، واستوطن تلك المعاهد وعمر، وعكف على كتاب الله تعالى «٦» فجوّد الحروف، وأحكم «٧» الخلف المعروف، وقيّد وأسند، وتكرّر إلى دور الحديث وتردّد، وقدم على هذا الوطن قدوم النّسيم البليل، على كبد العليل. ولمّا استقرّ به قراره، واشتمل على جفنه غراره، بادرت إلى مؤانسته، وثابرت على مجالسته، فاجتليت للسّرو «٨» شخصا، وطالعت ديوان الوفاء مستقصا.
شعره: وشعره ليس بحايد عن الإحسان، ولا غفل من النكت الحسان. فمن ذلك ما خاطبني به «٩» : [الطويل]
بيمن أبي عبد الإله «١٠» محمد ... تيمّن هذا القطر وانسجم القطر
أفاض علينا من جزيل عطائه ... بحورا تديم «١١» المدّ ليس لها جزر
وأنسنا لمّا عدمنا مغانيا ... إذا ذكرت في القلب من ذكرها عبر «١٢»
هنيئا بعيد الفطر يا خير ماجد ... كريم به تسمو السّيادة والفخر
ودمت مدى الأيام في ظلّ نعمة ... تطيع لك الدنيا ويعنو «١٣» لك الدهر
وممّا خاطب به سلطانه في حال الاعتقال:[البسيط]
لعلّ عفوك بعد السّخط يغشاني ... يوما فينعش قلب الوالد العاني «١٤»