بعثته ليلا يعلّل قلبا ... مستهاما بها محبّا ولوعا
لم يجد غير طرف جفن قريح ... شاخصا نحوها يذرّ الدّموعا
وكتب إلى صديقه شيخنا أبي بكر بن شبرين من بجاية، وهو معتقل بقصبتها، وقد امتحنه بذلك أبو عبد الله بن سيد الناس: [الخفيف]
شرح حالي لمن يريد سؤالي ... إنني في اعتقال مولى الموالي «١»
مطلق الحمد والثناء عليه ... وهو للعطف والجميل موال
لا أرى للولاة فيّ احتكاما ... ووليّ مال على كل وال
أرتجي بالمصاب تكفير ذنبي ... حسبما جاء في الصّحاح العوالي «٢»
لا تدوم الدّنا ولا الخير فيها ... وكذا الشّرّ ذا وذا للزوال
فاغتنم ساعة الوصال وكم من ... محنة وهي منحة من نوال
فإذا غبت عنك فاحضر تجدها ... للجواب المفيد عن السؤال «٣»
فهي نور النهار «٤» والنور منها ... وهي الأنس في الليالي الطوال
فاستدمها تدم ولا تضج منها ... وأدرها على اليمين ووال
فإنّ الكأس مجراها على اليمين، ومسراها لفي الصبح المبين، تغني عن الإصباح والمصباح، وتدني لهم معنى النور المشرق في الوجوه الصّباح، وتجري في الأشباح، فتسري في الأرواح. وهذه الرسالة طويلة، فيها كل بديع من نظم ونثر.
فأجابه رحمه الله: [الخفيف]
أرغمن هذه القيود الثّقال ... ربّ ودّ مصيره للتّغالي «٥»
طال صبري على الجديدين حتى ... كدت مما لقيت أن يشفقا لي «٦»
إنّ بعض الرضا لديه فسيح ... أيّ مدّ «٧» به وأيّ ابتقال
حاش لله أن أكون لشيء ... شاده الصانع القديم بغال
إن عندي من الثناء عليه ... لأماني لم يملهنّ القالي «٨»
يا إمامي الذي بودّي لو أم ... كن نصلي «٩» إليه أوّار قال