على نجائب تتلوه أجنابها «١» ... خيل بها الخير معقود ومعقول
في موكب تزحف الأرض الفضاء به ... أضحت وموحشها بالناس مأمول
يطارد الوحش منه فيلق لجب ... حتى لقد ذعرت في بيدها الغول
سيوفهم طرب نحو الحجاز فهم ... ذوو ارتياح على أكوارها ميل
شعث رؤوسهم، يبس شفاههم ... خوص عيونهم، غرب مهازيل
حتى إذا لاح من بيت الإله لهم ... نور إذا هم على الغبرا أراحيل
يعفّرون وجوها طالما سمّت ... باكين حتى أديم الأرض مبلول
حفّوا بكعبة مولاهم فكعبهم ... عال بها لهم طوف وتقبيل
وبالصّفا وقتهم صاف بسعيهم ... وفي منى لمناهم كان تنويل
تعرّفوا عرفات واقفين بها ... لهم إلى الله تكبير وتهليل
لمّا قضينا من الغرّاء منكسنا ... ثرنا وكلّ بنار الشوق مشمول
شدنا إلى الشّدقميات التي سكنت ... أبدانهنّ وأفناهنّ تنقيل
إلى الرسول تزجّى كلّ تعلمة ... أجلّ من نجوة تزجي المراسيل
من أنزلت فيه آيات مطهّرة ... وأورثت فيه توراة «٢» وإنجيل
وعطّرت من شذاه كلّ ناحية ... كأنّما المسك في الأرجاء محلول
سرّ من العالم العلويّ ضمّنه ... جسم من الجوهر الأرضي محمول
نور تمثّل في أبصارنا بشرا ... على الملائك من سيماه تمثيل
لقد تسامى وجبريل مصاميه ... إلى مقام رخيّ «٣» فيه جبريل
أوحى إليه الذي أوحاه من كثب ... فالقلب واع بسرّ الله مشغول
يتلو كتابا من الرحمن جاء به ... مطهّرا طاهر منه وتأويل
جار على منهج الأعراب أعجزهم ... باق مع الدّهر لا يأتيه تبديل
بلاغة عندها كعّ البليغ فلم ... ينطق وفي هديه صاحت أضاليل
ومنها:
وطولبوا أن يجيبوا حين رابهم ... بسورة مثله فاستعجز القيل