حاله: من «عائد الصلة» : كان من جلّة صدور الفقهاء الفضلاء، زهدا وقناعة وانقباضا، إلى دماثة الخلق، ولين الجانب، وحسن اللقاء، والسّذاجة المموّهة بالغفلة، والعمل على التقشّف والعزلة، قديم السّماع والرّحلة، إماما مشهورا في القراءات، يرحل إليه، ويعوّل عليه، إتقانا ومعرفة منها بالأصول، كثير المحافظة والضّبط، محدّثا ثبتا، بليغ التّحرّز، شديد الثقة، فقيها متصرّفا في المسائل، أعرف الناس بعقد الشروط، ذا حظّ من العربية واللغة والأدب. رحل إلى العدوة، وتجوّل في بلاد الأندلس، فأخذ عن كثير من الأعلام، وروى وقيّد وصنّف وأفاد، وتصدّر للإقراء بغرناطة وبلّش وغيرهما، وتخرّج بين يديه جملة وافرة من العلماء والطلبة، وانتفعوا به.
مشيخته: قرأ ببلده مرسية على الأستاذ أبي الحسن علي بن محمد بن لب بن أحمد بن أبي بكر الرّقوطي، والمقرئ أبي الحسن بن خلف الرّشاطي، والمحدّث الجليل أبي عمرو محمد بن علي بن عيشون اللخمي، وعلى الشيخ الفقيه الكاتب أبي محمد بن عبد الله بن داود بن خطّاب الغافقي المرسي. وممن أجازه الفقيه أبو عثمان سعيد بن عمرو البطرني، والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص، لقيه ببلّش مالقة وبسطة، فروى عنه الكثير، والأستاذ أبو القاسم بن الأصهر الحارثي، لقيه بألمريّة.
ولقي بغرناطة الأستاذ أبا جعفر الطّبّاع، والوزير الرّاوية أبا القاسم محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن جزيّ الكلبي، روى عنه وأجازه. وكتب له بالإجازة جماعة كبيرة من أهل المشرق والمغرب، حسبما تضمنه برنامجه.
تواليفه: اختصر كتاب «المقنع» في القراءات اختصارا بديعا، وسماه كتاب «الممتع في تهذيب المقنع» وغير ذلك.
شعره: من ذلك وقد وقف على أبيات أبي القاسم بن الصّقر في فضل الحديث: [الطويل]
لقد حاز أصحاب الحديث وأهله ... شأوا وثيرا «١» ومجدا مخلّدا
وصحّت لهم بين الأنام مزيّة ... أبانت لهم عزّا ومجدا وسؤددا
بدعوة خير الخلق أفضل مرسل ... محمد المبعوث بالنّور والهدى
فهم دوّنوا علم الحديث وأتقنوا ... ونصّوا بتبيين صحيحا ومسندا