بضاعة «١» البلاغة، فلم يعبأ بهمّام وابن المراغة «٢» . شفاء المحزون، وعلم السّرّ «٣» المخزون، ما بين منثوره والموزون. والآن لا ملهج ولا مبهج، ولا مرشد ولا منهج، عكست القضايا فلم تنتج، فتبلّد القلب الذّكي، ولم يرشح القليب البكي «٤» ، وعمّ الإفحام، وغمّ الإحجام، وتمكّن الإكداء والإجبال، وكوّرت الشّمس وسيّرت الجبال، وعلت سآمة، وغلبت ندامة، وارتفعت ملامة، وقامت لنوعي الأدب قيامة. حتى إذا ورد ذلك المهرق، وفرّع غصنه المورق، تغنّى «٥» به الحمام الأورق، وأحاط بعداد عداته الغصص والشّرق، وأمن من الغصب والسّرق، وأقبل الأمن وذهب بإقباله الفرق، نفخ في صور أهل المنظوم والمنثور، وبعثر ما في القبور، وحصّل ما في الصدور، وتراءت للأدب صور، وعمرت للبلاغة كور، وهمت لليراعة درر، ونظمت للبراعة درر، وعندها يتبيّن «٦» أنك واحد حلبة البيان، والسّابق في ذلك الميدان، يوم الرّهان، فكان لك القدم، وأقرّ لك مع التأخر السّابق الأقدم، فوحقّ نصاعة ألفاظ أجدتها، حين أوردتها، وأسلتها حين أرسلتها، وأزنتها حين وزنتها، وبراعة معان سلكتها حين ملكتها، وأرويتها حين روّأتها «٧» وأرويتها، وأصلتها حين فصّلتها ووصلتها «٨» ، ونظام جعلته لجسد «٩» البيان قلبا، ولمعصمه قلبا «١٠» ، وهصرت حدائقه غلبا، وارتكبت رويّه «١١» صعبا، ونثار «١٢» أتبعته له خديما، وصيّرته لمدير كأسه نديما، ولحفظ «١٣» ذمامه المداميّ أو مدامه الذّماميّ مديما، لقد فتنتني حين أتتني، وسبتني حين نصبتني «١٤» ، فذهبت خفّتها بوقاري، ولم يرعها بعد شيب عذاري، بل دعت للتّصابي فقلت مرحبا، وحللت لفتنتها الحبا، ولم أحفل بشيب، وألفيت ما ردّ نصابي نصيب «١٥» ، وإن كنّا فرسي رهان، وسابقي حلبة ميدان، غير أنّ الجلدة