حاله: من أهل التّصاون والحشمة والوقار، معرق في بيت الخيريّة والعفّة، وكان والده صاحبنا، رحمه الله، آية في الدّؤوب والصّبر على انتساخ الدّواوين العلمية والأجزاء، بحيث لا مظنّة معرفة أو حجرة طلب تخلو عن شيء من خطّه إلّا ما يقلّ، على سكون وعدالة وانقباض وصبر وقناعة. وأكتب للصّبيان في بعض أطواره، ونشأ ابنه المذكور ظاهر النّبل والخصوصيّة، مشاركا في فنون؛ من عربية وأدب وحساب وفريضة. وتصرّف في الشهادة المخزنيّة برهة، ثم نزع عنها انقيادا لداعي النّزاهة، وهو الآن بحاله الموصوفة.
شعره: وشعره من نمط الإجادة، فمن ذلك قوله «١» : [السريع]
بي شادن أهيف مهما انثنى ... يحكي تثنّيه القضيب الرّطيب
ذو غرّة كالبدر قد أطلعت ... فوق قضيب نابت في كثيب
خضت حشا الظّلماء من حبّه ... أختلس الوصل حذار الرّقيب
فبتّ والوصل «٢» لنا ثالث ... يضمّنا ثوب عفاف قشيب
حتى إذا ما الليل ولّى وقد ... مالت نجوم الأفق نحو الغروب
ودّعته والقلب ذو لوعة ... أسبل «٣» من ماء جفوني غروب
فلست أدري حين ودّعته «٤» ... قلب بأضلاعي غدا أم قليب؟
ومن ذلك في النسيب «٥» : [السريع]
يا أجمل الناس ويا من غدت ... غرّته تمحو سنا الشمس
أنعم على عبدك يا مالكي ... دون اشتراء ومنى نفسي
بأن ترى وسطى لعقدي وأن ... تعيد ربعي كامل الأنس
فإن تفضّلت بما أرتجي ... أبقيتني في عالم الإنس
وإن تكن ترجعني خائبا ... فإنني أدرج في رمسي «٦»