وسقى ديار العامرية بعد ما ... وافى بجرعاء «١» الكثيب معينه
يندى بأفنان الأراك كأنه ... عقد تناثر بالعقيق ثمينه
ومحى الكثيب سكوبه فكأنه ... خطّ تطلّس ميمه أو نونه
حتى إذا الأرواح هبّت بالضّحى ... مسحت عليه بالجناح تبينه
وكأنّه والرعد يحدو خلفه ... صبّ يطول إلى اللقاء حنينه
أو سحّ دمعي فوق أكناف اللّوى ... جادت بلؤلؤة النفيس عيونه
والبرق في حلل السّحاب كأنه ... مكنون سرّ لم يذع «٢» مضمونه
أو ثوب ضافية الملابس كاعب ... عمدت بحاشية النّضار تزينه
هنّ الديار برامة لا دهرها ... سلس القياد ولا العتاب يلينه
ولقد وقفت برسمها فكأنّني ... من ناحل الأطلال فيه أكونه
قلبي بذاك اللّوى خلّفته ... ألوى بمزدلف الرّفاق ظعينه
لا تسأل «٣» العذّال عني فالهوى ... هذا «٤» يخامر بالضّلوع دفينه
إن يخف عن شرحي حديث زميرتي ... فعلى الفنون فريضة تبينه
عجبا لدمعي لا يكفّ كأنما ... جدوى أبي عبد الإله هتونه
محيي المكارم بعد ما أودى بها ... زمن تقلّب بالكرام خؤونه
مولى الملوك عميد كلّ فضيلة ... علق الزمان ثمينه ومكينه
يضفي إلى داعي النّدى فيهزّه ... وبملتقى الجمعين طال سكونه
من ذا يسابق فضله لوجوده ... ويلجّ فيض البحر فاض يمينه
إن تلقه تلق الجمال وقاره ... والحلم طبع والسّماحة دينه
غمر الأنام نواله ومحا الضلا ... ل رشاده وجلا الظّلام جبينه
أحيا رسوم الدين وهي دوارس ... ولطالما صدع الشكوك يقينه
شمس الهدى حتف العدا محيي النّدا ... بحر الجدا طول المدى تمكينه
ليث الشّرى غوث الورى قمر السّرى ... سنّ القرى عمّ القرى تأمينه
فلبأسه يوم الوغى ولعزمه ... جاش الهزبر إذا الهزبر يخونه