بنية رمضان، قال في "الإنصاف": "وهو المذهب عند الأصحاب، ونصروه، وصنَّفوا فيه التصانيف، وردُّوا حجج المخالف، وقالوا: نصوص أحمد تدلُّ عليه" انتهى، وهذا قول عمر، وابنه، وعمرو بن العاص، وأبي هريرة، وأنس، ومعاوية، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق ﵃؛ لقوله ﷺ:"إنما الشهر تسعة وعشرون يومًا، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له" قال نافع: "كان عبد الله بن عمر ﵃ إذا مضى من الشهر تسعة وعشرون يومًا يبعث من ينظر له الهلال، فإن رُؤي: فذاك، وإن لم يُر، ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر: أصبح مُفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر: أصبح صائمًا" ومعنى: "اقدروا له" أي: ضيقوا بأن يُجعل شعبان تسعة وعشرين يومًا، وقد فسَّره ابن عمر بفعله، وهو راويه وأعلم بمعناه، فيجب الرجوع إلى تفسيره (٦)، ويُجزئ صوم ذلك
(٦) مسألة: إذا لم ير أحد هلال رمضان في ليلة الثلاثين من شعبان مع وجود غيم - وهو: السحاب - أو قَتَر - وهو: التراب أو الغَبَرة، أو الدخان - حال دون رؤية السماء ومطلع الهلال: فلا يصام اليوم التالي، بل يحرم صومه، وهو مذهب الجمهور من الحنابلة وغيرهم؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية، وهو من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فعدُّوا ثلاثين" وفي رواية: "فأكملوا شعبان ثلاثين" حيث بيَّن الشارع هنا: أن الصوم يجب بأحد سببين: إما رؤية هلال رمضان، أو إكمال شعبان ثلاثين يومًا، وهنا: لم يوجد أحد السببين؛ - حيث لم يُر الهلال، ولم يكمل شعبان الثلاثين - فيلزم عدم صيام اليوم التالي على أنه من رمضان، ثانيهما: أنه ﷺ"قد نهى عن صوم يوم الشك" على أنه من رمضان، واليوم الذي يلي التاسع والعشرين من شعبان إذا لم يُر الهلال يُعتبر يوم شك؛ حيث لا يُعلم هل هو المكمِّل لشعبان ثلاثين يومًا، أو هو أول يوم من رمضان؟ ولا يوجد مُرجِّح، =