اليوم إن ظهر منه، وتُصلَّى التراويح تلك الليلة، ويجب إمساكه على من لم يُبيِّت
فتساوى الطرفان - وهذا هو: حدُّ الشك - والنهي عن صيامه مطلق فيقتضي التحريم، الثانية: الاستصحاب؛ حيث إن الأصل: عدم الصيام؛ لأن اليوم الذي يلي التاسع والعشرين من شعبان الأصل فيه: أن يكون تابعًا لشعبان، فنبقى على هذا الأصل، ونعمل به؛ إذ لا يُوجد مُغيِّر، وبناء على ذلك: لا يُصام ذلك اليوم، فإن قلتَ: يجب صيام ذلك اليوم - كما سبق في المسألة وهو ما ذكره المصنف وهو المحكي عن أحمد، وكثير من أصحابه -؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له" أي: ضيِّقوا له، والمراد: اجعلوا شهر شعبان تسعة وعشرين يومًا، يؤيد ذلك تفسير ابن عمر له بذلك بعمله - وهو راوي الحديث - وتفسير الراوي لما رواه حجة الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن ذلك قد فعله عمر، وابنه، وأبو هريرة، وأنس، ومعاوية، وعمرو بن العاص ﵃ قلتُ: أما تفسير الحديث السابق بجعل شعبان: تسعة وعشرين يومًا: فلا يُسلَّم؛ لكونه مُخالفًا لما فسَّره به جمهور العلماء - وهو: أن يُقدَّر شعبان بثلاثين يومًا - ومخالفًا لرواية أبي هريرة، وأما تفسير ابن عمر له أو عمل بعض الصحابة بما ذكره فهو اجتهاد من صحابي ولا يُعمل به؛ لأنه عارض نصًا من السنة - كما سبق -، فإن قلتَ: إن ما رُوي عن أبي هريرة وهو: أنه صام ذلك اليوم يُخالف ما رواه - وهو إكمال شعبان ثلاثين يومًا قلتُ: يجب العمل بما رواه، لا بما رآه، وقد فصَّلتُ القول في ذلك في كتابي:"مخالفة الصحابي للحديث"، تنبيه: لم تصح نسبة وجوب صيام ذلك اليوم إلى الإمام أحمد؛ قال ذلك صاحب الفروع، ونبه عليه ابن تيمية فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: الاختلاف في تفسير عبارة "فاقدروا له" الواردة في الحديث وأيضًا: "الاختلاف فيما إذا تعارض فعل الراوي مع ما رواه" وقد سبق بيان ذلك.