يُجزئه)، لعدم جزمه بالنية (٥٦)، وإن قال ذلك ليلة الثلاثين من رمضان وقال:"وإلا فأنا مفطر" فبان من رمضان: أجزاء، لأنه بنى على أصل لم يثبت زواله (٥٧)(ومن نوى الإفطار: أفطر) أي: صار كمن لم ينو؛ لقطعه النية، وليس كمن أكل أو
يكون قد فعل شيئًا من المفطرات من أذان الفجر؟ قلتُ: لأنه لو فعل شيئًا من المفطرات بعد أذان الفجر فإنه لا يوصف بأنه صام يومًا كاملًا، فإن قلتَ: لِمَ لا يُحسب صومه إلّا بعد نيته؟ قلتُ: لكونه قبل النية لم يكن متعبدًا، والأجر على التَّعبُّد.
(٥٦) مسألة: يجب أن يجزم المسلم في نيته أنه سيصوم غدًا يومًا من رمضان، وبناء على ذلك: لو قال ليلة الثلاثين من شعبان: "أنا سأصوم غدًا، فإن كان من رمضان فهو فرضي، وإن لم يكن منه فعن واجب غيره ككفارة أو نذر أو نحو ذلك "فصار من رمضان، أو علم به بعد طلوع الشمس: فإنه يجب أن يُتمَّ صومه، ولا يُجزئه عن الفرض، فيجب قضاؤه؛ للتلازم؛ حيث إن نية الصوم من الليل يُشترط فيها العزم والجزم، وهذا القول فيه تردُّد فيلزم منه: عدم صحتها، ويلزم من عدم صحة النية: عدم صحة المنوي وهو هنا الصوم، ويلزم من عدم صحة الصوم: وجوب قضائه، فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا؟ قلتُ: لأن الأصل الفطر؛ لأن الثلاثين من شعبان تابع له، ووقع التردُّد في نية الصوم، ولا يصح صوم وقع التردُّد في نيته.
(٥٧) مسألة إذا قال في ليلة الثلاثين من رمضان: "أنا سأصوم غدًا إن كان من رمضان، وإن لم يكن منه فأنا سأفطر" فصار من رمضان: فإنه يُجزئه صومه؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل هو أنه من رمضان، فيستصحب ذلك؛ لتيقُنه، ويُعمل به، ولا تقوى تلك النية المتردَّد فيها: أن تُزيل ذلك المتيقن منه، وهو الصوم، فصح.