صومه؛ لقوله ﷺ:"أفطر الحاجم والمحجوم" رواه أحمد والترمذي، قال ابن خزيمة:"ثبتت الأخبار عن رسول الله له بذلك"، (١٠) ولا يفطر بفصد، ولا شرط ولا
بذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس والاستصحاب" فعندنا يُعمل بالاستصحاب؛ لأن القياس لا يقوى على تغيير الأصل، وعندهم: يُعمل بالقياس؛ لقوته على تغيير الأصل.
(١٠) مسألة: إذا طلب الصائم من يحجمه لحاجة فقام آخر صائم فحجمه وأخرج منه الدم، وهما عامدان ذاكران لصومهما: فإنه يفسد صومهما سواء كان الدم الخارج قليلًا أو كثيرًا، وسواء كانت الحجامة في الرأس أو غيره من أجزاء البدن، للسنة القولية؛ حيث قال:ﷺ"أفطر الحاجم والمحجوم" حيث بين الشارع هنا أن الحاجم والمحجوم يُفطران بسبب الحجامة، وهذا يلزم منه: فساد صومهما، وهذا عام فيشمل كل ما ذكرناه؛ لأنه مفرد معرَّف بأل وهو من صيغ العموم، ويلزم من الحجامة إخراج الدم، ومصُّه فإن قلتَ: لِمَ يفسد صوم المحجوم؟ قلتُ: لإحساسه بالقوة والنشاط بعد خروج الدم غالبًا وهذا مناف للمقصد من مشروعية الصوم، فإن قلتَ: لِمَ يفسد صوم الحاجم؟ قلتُ: لتطاير بعض الدم إلى حلقه بسبب امتصاصه له بقوة غالبًا، وما وصل إلى الحلق فيغلب على الظن وصوله إلى المعدة، وما وصل إلى المعدة فهو مظنة الإفطار كما أن النوم مظنة خروج الحدث، فلما وجب الوضوء على النائم وجب إعادة صوم الحاجم، فإن قلتَ: لا تفسد الحجامة صوم الحاجم ولا المحجوم، وهو قول الجمهور؛ للسنة الفعلية، حيث "إنه ﷺ احتجم وهو صائم مُحرم" فلو كان يُفسده لما فعله ﷺ قلتُ: لم ترد في الرواية الصحيحة لفظة "صائم" كما رواها، مسلم وأحمد، وعلى فرض ورودها: فإن هذا يُحمل على السنة القولية التي ذكرناها وهو: أنه ﷺ احتجم فأفطر، أو يُحكم على السنة الفعلية بأنها منسوخة بالسنة القولية كما قال بعض العلماء، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل