مسلم (٦)(وآكده العاشر، ثم التاسع)؛ لقوله ﷺ:"لئن بقيتُ إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر" احتَّج به أحمد، (٧) وقال:"إن اشتبه عليه أول الشهر: صام ثلاثة
(٦) مسألة: يُستحب أن يصوم المسلم شهر المحرَّم، وهو الشهر الأول من شهور السنة الهجرية؛ للسنة القولية؛ حيث قال:ﷺ أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم" فإن قلتَ: لِمَ استحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن إضافته إلى الله قد زاده تشريفًا وتعظيمًا؛ حيث إنه "شهر الله المحرم" وهو مثل قولهم: "بيت الله"؛ وهو أفضل الأشهر بعد رمضان، فيليه في الرتبة من حيث الفضل، فإن قلتَ: لا يُستحب صيامه؛ للسنة الفعلية؛ حيث لَم يرد عنه ﷺ أنه صامه، أو أكثر الصيام فيه، وهذا يلزم منه عدم استحباب صيامه؟ قلتُ: قد بيَّن ﷺ فضل صيامه بالقول ودلالته أقوى من دلالة الترك؛ لأن تركه ﷺ صيامه قد يكون لانشغاله بشيء أهم، وقد يكون لم يعلم فضله إلا في آخر عمره لما ضعُف، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة القولية مع الفعلية" فعندنا يُعمل بالقولية؛ لضعف الفعلية؛ نظرًا لاحتمالها، وعندهم يُعمل بالفعلية.
(٧) مسألة: يُستحب صوم يوم عاشوراء -وهو اليوم العاشر من المحرَّم- استحبابًا مؤكدًا، ويُستحب صوم يوم قبله أو يوم بعده؛ للسنة القولية؛ حيث قال ابن عباس ﵁:"أمر النبي ﷺ بصوم يوم عاشوراء: العاشر من المحرم" وقال ﷺ: "لئن بقيتُ إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر" وقال: "صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده" والذي صرف الأمر من الوجوب إلى الندب هو: أنه لم يرد إلا وجوب صوم رمضان، فإن قلتَ: لِمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه يُكفِّر ذنوب السنة الماضية كما ورد، حيث إن هذا الصيام جاء شكرًا لله تعالى على أنه أنقذ موسى ﵇ وقومه، وأهلك فرعون وقومه - وبالشكر