وآكده في العشر الأخير (٤)(ويصح) الاعتكاف (بلا صوم)؛ لقول عمر ﵁: يا رسول الله: إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة بالمسجد الحرام فقال النبي ﷺ: "أوف بنذرك" رواه البخاري، ولو كان الصوم شرطًا: لما صحَّ اعتكاف الليل (٥)(ويلزمان) أيَّ: الاعتكاف والصوم (بالنذر): فمن نذر أن يعتكف صائمًا، أو يصوم معتكفًا: لزمه الجمع، وكذا: لو نذر أن يصلي معتكفًا ونحوه؛ لقوله ﷺ:"من نذر
(٤) مسألة:: يُستحب الاعتكاف في كل وقت من السنة، ولكن هذا الاستحباب أكد في رمضان، وآكده: أن يكون في العشر الأواخر منه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ يعتكف ويداوم عليه، وكان يعتكف في رمضان، قال نافع: "أراني عبد الله بن عمر المكان الذي يعتكف فيه النبي ﷺ" وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله ـ كما قالت عائشة ﵂، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث كانت زوجات النبي يعتكفن معه، وبعده في رمضان، وكان كثير من أصحابه يفعلون ذلك وهذا يلزم منه الآكدية، فإن قلتَ: لِمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الاعتكاف ينقطع المسلم فيه لأجل فعل أنواع من العبادات: من صلاة وصوم، ودعاء وذكر، وقراءة، واستغفار ونحو ذلك، وإذا وقع ذلك في رمضان فالأجر مضاعف، وإذا وقع في العشر الأواخر فهو أرجى لموافقة ليلة القدر؛ لأنها فيها، فيجتمع له خيري الدنيا والآخرة.
(٥) مسألة لا يُشترط لصحة الاعتكاف: كون المعتكف صائمًا، بل يصح بلا صوم؛ للسنة القولية، حيث إنه ﷺ قد أمر عمر بأن يوفي بنذره لما نذر أن يعتكف ليلة" فيلزم صحة الاعتكاف بلا صوم؛ لأن الصوم لا يُشرع بالليل، فإن قلتَ: لِمَ يُشترط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على الناس أن يفعلوا الخيرات بدون تقييدات؛ لتكثر أجورهم؛ لينالوا الجنة، ومعلوم: أن الصوم والاعتكاف عبادتان كل واحدة منفصلة عن الأخرى.