للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأعمال بالنيات(٩) ولا يصح إلا (في مسجد)؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ (يُجمع فيه) أيَّ: تقام فيه الجماعة؛ لأن الاعتكاف في غيره يفضي إما إلى ترك الجماعة، أو تكرار الخروج إليها كثيرًا مع إمكان التَّحرُّز منه، وهو مناف للاعتكاف (١٠) (إلا) من لا تلزمه الجماعة كـ (المرأة) والمعذور، والعبد (ف) يصح

مطلقًا، [فرع]: إذا نذرت الزوجة الاعتكاف أو نذر الرقيق ذلك، ودخلا فيه دون أن يستأذنا الزوج والسيد: فإنه يجوز للزوج والسيد أن يُخرجاهما منه؛ للمصلحة، وقد بيَّناها في مسألة، (٧)، أما إذا استأذناهما، فأذنا لهما فدخلا فيه: فلا يجوز للزوج والسيد أن يُخرجاهما منه؛ للتلازم؛ حيث إن الزوج والسيد قد أسقطا حقَّهما بالإذن، والوفاء بالنذر واجب فيلزم عدم جواز إخراجهما مما نذراه؛ لأنهما فعلا مالهما فعله دون إضرار بالآخرين.

(٩) يُشترط لصحة الاعتكاف: أن ينوي قبل دخوله فيه: أنه لطاعة وعبادة الله تعالى فقط؛ للسنة القولية؛ حيث قال: "إنما الأعمال بالنيات" حيث إن هذا عام، والاعتكاف عمل فيشمله هذا العموم؛ لأن "الأعمال" جمع معرَّف بأل وهو من صيغ العموم، فإن قلتَ: لِمَ اشترط ذلك؟ قلتُ: لأن الاعتكاف عبادة، والعبادات لا تصح إلا بنية التقرُّب إلى المعبود به وهو الله تعالى.

(١٠) مسألة: يُشترط لصحة الاعتكاف أن يعتكف في مسجد تُقام فيه صلاة الجماعة للسنة الفعلية؛ حيث كان يعتكف في مسجده الذي يُصلي بالجماعة فيه، وكان لا يدخل بيته إلا لحاجة الإنسان، وكان يُدخل رأسه فترُجِّله له عائشة ، وهذا بيان للمراد من قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ ولفظ "كان" من صيغ العموم في الأزمان؛ حيث يدل على الاستمرار في العمل، وهذه قرينة دلَّت على اشتراط ذلك، فإن قلتَ: لِمَ اشترط ذلك؟ قلتُ: لأن هذا هو الموافق لحقيقة "الاعتكاف" =

<<  <  ج: ص:  >  >>