للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعتكافهم (في كل مسجد)؛ للآية، (١١) وكذا من اعتكف من الشروق إلى الزوال

حيث يلزم من اعتكافه في مسجد لا تُقام فيه الجماعة: إما ترك صلاة الجماعة، وهذا يُنقص أجر صلاته وهو يُريد زيادة أجره باعتكافه، أو الإكثار من الخروج من مسجده الذي اعتكف فيه لأجل الصلاة مع الجماعة، وهذا مخالف لحقيقة الاعتكاف -وهو: لزوم مسجد للعبادة-، واعتكافه في مسجد تقام فيه الجماعة لا يقع في أحد هذين الأمرين، فلزم واشترط للمصلحة.

(١١) مسألة: الذي تسقط عنه صلاة الجماعة كالمرأة، والعبد، والمعذور بمرض أو سفر أو نحوهما: يصح اعتكافه في أيَّ مسجد ولو لم تُقم فيه الجماعة؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ فيلزم من تحريم مباشرة المعتكف لزوجته في مكان الاعتكاف: عدم صحة الاعتكاف إلا فيما يُطلق عليه مسجد عرفًا، الثانية: فعل الصحابة؛ حيث كانت زوجات النبي يعتكفن في حياته وبعد مماته في أي مسجد، الثالثة: القياس، بيانه كما أن المرأة تعتكف في أيَّ مسجد ولو لم تقم فيه الجماعة فكذلك العبد والمعذور ونحوهما مثلها، والجامع: أن كلًّا منهم لا يخرج لأجل الجماعة، ولا يُحرم من أجرها وهذا هو المقصد الشرعي منه. [فرع]: يُشترط لاعتكاف المرأة: أن لا يخاف وليها عليها من الفتنة، أو الوحشة، أو أيِّ ضرر في المسجد الذي تعتكف فيه، فإن خيف عليها شيء من ذلك: فإنه يُحرَّم اعتكافها فيه؛ للمصلحة؛ حيث إن المرأة عورة، وقليلة عقل ودين فيُخاف عليها أن يفتتن بها أحد، أو هي تفتتن بأحد، ودفعًا لذلك: فإنها تمنع من الاعتكاف، كما مُنعت من زيارة القبور لذلك، والقربات لها كثيرة ومنها حسن التبعُّل لزوجها بأن تطيعه، وتسره، وتحفظه في ماله وعرضها وهذا فيه أجر الجهاد في سبيل الله، وقد ورد: "أن من مات زوجها وهو عنها راضٍ خيِّرها الله من أيَّ باب من أبواب الجنة تدخل" فأي فضل أعظم من هذا؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>