لما له منه بدٌّ، ولو قلِّ (٣٥)(ويُستحب اشتغاله بالقُرب) من صلاة، وقراءة، وذكر، ونحوها (واجتناب مالا يعنيه) بفتح الياء، أي: يهمه؛ لقوله ﷺ:"من حسن إسلام المرء: تركه مالا يعنيه"، (٣٦) ولا بأس أن تزوره زوجته في المسجد، وتتحدَّث معه،
فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لمنافاة ذلك مع المقصد الشرعي للاعتكاف، وهو: الانقطاع للعبادة، فإن قلتَ: إن من جامع وباشر فأنزل وهو معتكف: فإنه يفسد اعتكافه وعليه قضاؤه، وعليه كفارة يمين - وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام - وهذا لإفساد اعتكافه قلتُ: لم أجد دليلًا على وجوب تلك الكفارة؛ حيث لم يرد ذلك في القاعدتين السابقتين، ولا في غيرهما، فيبقى على النفي الأصلي، فنستصحب عدم مشروعية الكفارة هنا.
(٣٥) مسألة: إذا خرج المعتكف لغير ضرورة، وهو لم يشترطه: فإنه يفسد اعتكافه: سواء استغرق ذلك الخروج وقتًا طويلًا أو قصيرًا؛ للتلازم؛ حيث إن الخروج لغير ضرورة وحاجة يُنافي حقيقة الاعتكاف - وهو: لزوم مسجد لطاعة - فيلزم من ذلك فساده، لكونه يُفوِّت جُزءًا مستحقًا من لزوم المسجد، بلا عذر.
(٣٦) مسألة: يُستحب لكل شخص ولا سيما للمعتكف أن يمضي وقته ويُشغله بشتى القُرُبات كقراءة القرآن، والدعاء، والذكر، والصلوات، والصدقات، والصيام، ويُستحب أن يترك كل مالا يعنيه أو يهمه؛ للقياس الأولى، بيانه: كما أن فعل تلك القربات، وترك مالا يعنيه في غير الاعتكاف مُستحب، كما قال ﷺ:"من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" فهو في الاعتكاف أولى بالاستحباب؛ لما هو عليه من انقطاعه للعبادة.