وتصلح رأسه أو غيره ما لم يتلذَّذ بشيء منها، (٣٧) وله أن يتحدَّث مع من يأتيه ما لم يُكثر، (٣٨) ويُكره الصَّمت إلى الليل، وإن نَذَرَه: لا يفِ به، (٣٩) وينبغي لمن قصد
(٣٧) مسألة: يُباح أن تزور المرأة زوجها المعتكف، وتتحدَّث معه ولا تُطيل في ذلك، وتصلح رأسه، وغيره مما يحتاج إلى إصلاح أو مداواة بشرط: أن لا يشعر المعتكف بأيِّ لذَّة في ذلك؛ للسنة الفعلية والتقريرية؛ حيث إن عائشة ﵂ كانت تغسل رأس النبي ﷺ وتُرجِّله وهو معتكف في المسجد، وكانت صفية تزوره وتتحدَّث معه وهو كذلك، وكان النبي ﷺ يُحادثهما ولا يُنكر ذلك منهما، فلو لم يجز لما فعله، ولبيَّن إنكاره؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وإصلاح غير الرأس كإصلاح الرأس؛ لعدم الفارق في ذلك، فإن قلتَ: لمَ أُبيح ذلك؟ قلتُ: لعدم منافاته لحقيقة الاعتكاف.
(٣٨) مسألة: يُباح للمعتكف: أن يتحدَّث مع من يزوره، أو يراه بأحاديث لا تخصُّ الدُّنيا وملذَّاتها، ولا تكون طويلة، ويُباح له: أن يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويشهد على النكاح، ويُصلح بين القوم، ويُؤذِّن، ويُقيم، ويُصلِّي على الجنازة داخل المسجد الذي يعتكف فيه، ويُباح له: أن يتنظف، ويتطيَّب، ويلبس أحسن ثيابه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ يتحدَّث مع صفية ﵂ كما سبق ذكره في مسألة (٣٧) -، الثانية: المصلحة؛ حيث إن فعل تلك الأمور لا تنافي حقيقة الاعتكاف وأحكامه، مع ما فيها من جلب المصالح ودفع المفاسد.
(٣٩) مسألة: يحرم على المعتكف وغيره أن يصمت من الصباح إلى اللَّيل عن الكلام المباح، وإن نذره قائلًا:"لله علي أن لا أتكلَّم اليوم": فلا يفِ بهذا النذر؛ للسنة القولية؛ حيث إن رجلًا قد نذر: أن لا يتكلَّم فقال ﷺ: "مروه فليتكلَّم" ولم يذكر وجوب كفارة عليه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت =