له، وهذا يستلزم الوجوب، ثالثها: قوله ﷺ: "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا" حيث إن "فُرض" من صيغ الوجوب القطعي، والأمر في قوله:"فحجوا" مطلق، وهو يقتضي الوجوب، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إنه قد ثبت عن عمر وابنه، وابن عباس، وزيد بن ثابت ﵃: أن العمرة واجبة، فإن قلتَ: لمَ وجب الحج والعمرة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الحج جامع للعبادات البدنية والمالية والقولية؛ وهما: سرُّ التوحيد كما قال كثير من العلماء، والحاج والمعتمر أقرب الخلق إلى الله؛ حيث إنهما وفدا الله تعالى، قال ﷺ:"الحجَّاج والعمَّار وفدا الله تعالى، وزُوَّاره: إن سألوا: أعطوا، وإن استغفروا: غُفِر لهم، وإن دعوا: استُجيب لهم، وإن شفعوا: شُفِّعوا" وقال ابن عباس: "فأما منافع الآخرة في الحج: فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا: فما يُصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات" وقد صُنِّف في ذلك المصنفات منها: "أسرار الحج" للغزالي، فإن قلتَ: إن العمرة سنة وليست بواجبة وهو قول أبي حنيفة ومالك؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه ﷺ سُئل عن العمرة أواجبة هي؟ فقال:"لا، وإن تعتمر خير لك" رواه جابر، فنفى وجوبها، وأثبت الخيرية فيها الدالة على سنيتها، الثانية: الاستصحاب؛ حيث إن الأصل: عدم وجوب العمرة، ولم يثبت دليل نقلنا من هذا الأصل، فلم تجب قلتُ: أما الحديث: فقد روي بأسانيد لا تصح ولا تقوم بمثلها الحجة - كما قال ابن عبد البر -، وعلى فرض صحته: فيُحمل على ما زاد على العمرة الواحدة، أو على العمرة التي قضوها حين أُحصروا في الحديبية، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، أما الاستصحاب فحاصله: أنكم تطالبوننا بإثبات الدليل على وجوب العمرة، ونحن قد أثبتنا ذلك، بالسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"عليهن جهاد ولا قتال فيه الحج والعمرة"، وقول الصحابي: =