إذا تقرَّر ذلك فيجبان (على المسلم، الحر، المكلَّف، القادر) أي: المستطيع (٦) (في
فيُقبل ذلك؛ لأن الخبر الناقل عن الأصل يُرجَّح على الخبر المبقي على الأصل؛ لكونه أحوط للدِّين، وأبرأ للذِّمة، فإن قلتَ: إن العمرة واجبة على جميع الناس إلا أهل مكة، فهي سنة بحقهم، وهو رواية عن أحمد، رجَّحها ابن تيمية، وكثير من العلماء؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون العمرة: الزيارة: أن لا تجب على أهل مكة، لكون الزائر ينبغي أن يكون بعيدًا عن المزار قلتُ: هذا اجتهاد قد عارض نصًا - وهو الحديث الذي أوجب العمرة كما سبق - ولا اجتهاد مع النص، وما ذكروه من التلازم لا يصلح للتخصيص، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة القولية التي ذكرناها أولًا مع السنة القولية التي ذكرها المخالف، وهي ما رواها جابر" فعندنا: أن السنة التي ذكرناها أول المسألة عام لجميع المسلمين، ولا تقوى السنة التي رواها جابر على معارضتها لضعفها ولم تخصص بشيء، وعندهم: يُعمل بالسنة التي رواها جابر؛ لقوتها، ويقوى التلازم على تخصيص عموم السنة، تنبيه: قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ لا يصلح للاستدلال به على وجوب الحج والعمرة؛ لأنها تدل على وجوب إتمامهما على من دخل فيهما، لا على وجوبهما ابتداء بدليل سبب نزولها؛ حيث إن رجلًا جاء إلى النبي ﷺ وقد أحرم بالعمرة قائلًا: كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ فنزلت هذه الآية آمرة له بأن يُتمَّ ما بدأ.
(٦) مسألة: يُشترط فيمن يجب عليه الحج والعمرة أربعة شروط: أولها: أن يكون مسلمًا، فلا وجوب على كافر، ثانيها: أن يكون حُرًّا، فلا وجوب على العبد، ثالثها: أن يكون مُكلَّفًا أي: بالغ، عاقل، فلا وجوب على الصبي والمجنون، رابعها: أن يكون قادرًا عليهما بماله وبدنه، فإن كان قادرًا ببدنه دون ماله: فإن الوجوب يسقط عنه، وإن كان قادرًا بماله دون بدنه، وجب أن يُنيب عنه غيره، =