مسلم مُكلَّف أراد مكة أو الحرم: تجاوز الميقات بلا إحرام إلا لقتالٍ مُباح، أو خوف أو حاجة تتكرَّر كحطَّاب ونحوه، فإن تجاوزه لغير ذلك: لزمه أن يرجع ليُحرم منه إن لم يخف فوت الحج أو على نفسه، وإن أحرم من موضعه: فعليه دم، (٨) وإن
النبي ﷺ بهذا؛ لما فيه من المشقَّة، فلزم اشتراط ذلك، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: ليكون المعتمر جامعًا بهذا بين الحل والحرم، وهو شرط في النسك.
(٨) مسألة: يجوز للمسلم الحر المكلَّف أن يتجاوز تلك المواقيت الخمسة بدون إحرام إذا لم يُرد الحج أو العمرة: سواء كان بعذرٍ أو لا؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"هُنَّ لهنَّ من غير أهلهنَّ ممن يُريد الحج والعمرة" حيث دلَّ مفهوم الصفة على أن من لم يُرد الحج والعمرة يجوز له تجاوز تلك المواقيت بدون إحرام ودخول مكة وهذا المفهوم عام فيشمل من له عذر وغيره، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو كُلِّف كل شخص بالإحرام وهو لم يُرد الحج والعمرة: للحق الناس حرج ومشقة، ولتعطَّلت مصالحهم، ولضاق بهم الحرم، فدفعًا لذلك: شرع هذا، فإن قلتَ: يجوز تجاوز تلك المواقيت الخمسة بدون إحرام للمعذورين فقط كمن يُقاتل قتالًا مباحًا، أو خاف على نفسه، أو من يُكرِّر الدخول مرارًا كالحطَّابين، والجمَّالين وأهل البريد ونحوهم، أما غير المعذور: فلا يجوز له تجاوزها ودخول مكة إلا بإحرام، فإن دخلها بدون ذلك: فإنه يجب عليه الرجوع إليها فيحرم منها إن لم يخف على نفسه، أو يخف فوات الحج، وإن أحرم من موضعه: فعليه دم - وهو: ذبح شاة وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ لقول الصحابي؛ حيث قال ابن عباس:"لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام" وهذا عام؛ لأن "أحد" نكرة في سياق نفي وهي من صيغ العموم، فيشمل المعذور وغيره، لكن المصلحة خصَّصت المعذور "كالحطَّاب ونحوه" فأخرجته من هذا العموم؛ لدفع المشقة عنه؟ قلتُ: إن كثيرًا من أئمة الحديث ضعَّفوا سند =