للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن قتل صيدًا مأكولًا بريًا أصلًا) كحمام، وبط ولو استأنس، بخلاف إبل وبقر أهلية ولو توحشَّت (ولو تولَّد منه) أي: من الصيد المذكور (ومن غيره) كالمتولِّد بين المأكول وغيره، أو بين الوحشي وغيره؛ تغليبًا للحظر (١٥) (أو تلف) الصيد المذكور (في

باقي المحظورات التي ستأتي فلا تجب الفدية تلك على مُخالفيها، وإنما تجب أمورًا أخرى سيأتي تفصيلها، وقد ذكرت هذا الفرع؛ لأني رأيت بعض المفتين في الحج لا يُفرِّقون بينها.

(١٥) مسألة: في السادس - من محظورات الإحرام - وهو: قتل صيد البر واصطياده، فلا يجوز للمحرم أن يصيد عمدًا صيدًا برِّيًا مأكولًا متوحشًا أصلًا، ولو استأنس كالحمام والبط ونحوهما، وكذا المتولِّد من متوحِّش ومُستأنس، فلو فعل ذلك قصدًا فإنه يأثم، وعليه جزاؤه - كما سيأتي بيانه - بخلاف غير المأكول فيقتل؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب، وهو من وجهين: أولهما: قوله تعالى: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ فالنهي هنا مطلق فيقتضي تحريم الصيد على المحرم وفساده كالميتة، ثانيهما: قوله تعالى: "أحلَّ لكم صيد البحر" ثم قال: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حُرُمًا" حيث إنها خصِّصت التحريم بصيد البر المأكول فقط؛ لكونه لازمًا من تحليله لصيد البحر دون صيد البر، الثانية: السنة القولية حيث إن الصَّعب بن جثامة قد صاد حمارًا وحشيًا فأتى به النبي فردَّه قائلًا: "إنا لم نردُّه عليك إلا أنا حُرُم" فبيَّن أن سبب عدم أكله هو: كونه مُحرمًا، فلزم تحريم الصيد المأكول المتوحِّش فإن قلتَ: لمَ حُرِّم قتل الحيوان المتوحِّش إذا استأنس؟ قلتُ: تبعًا لأصله، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم قتل الحيوان المتولِّد من المتوحِّش والمستأنس؟ قلتُ: تغليبًا للتحريم، حيث إنه إذا اجتمع في شيء حاظر ومبيح: فإنه يُغلَّب جانب الحظر؛ احتياطًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>