مثلًا لما صاده، أما إن لم يجد مثلًا كأن يصيد جرادًا: فإنه يسقط المثل، ويُخيَّر بين أمرين: أولهما: إما أن يقوَّم ما صاده وقتله ويشتري بقيمته طعامًا، ويُعطي كل مسكين مُدًا - كما سبق بيانه -، ثانيهما: أو يصوم عن كل مد يومًا، وإذا بقي أقل من مُدٍّ من الطعام: فإنه يصوم عنه يومًا كاملًا ولا يجب التتابع؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ فأوجب الشارع جزاء الصيد على المحرم على النحو الذي ذكرناه، الثانية: قول الصحابي؛ حيث ثبت جزاء الصيد على ذلك التفصيل الذي قلناه عن بعض الصحابة، ومنهم ابن عباس، فإن قلتَ: لمَ يُقوَّم المثل، ولا يُقوَّم الصيد نفسه إن وجد مثلًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الصيد يشق تقويمه؛ لكونه قليل التداول، فإن قلتَ: لمَ يُقوَّم بدراهم، ثم يُشترى بها طعامًا يُوزَّع على فقراء مكة؟ قلتُ: لأن الله تعالى قد سمَّى ذلك كفارة، ولا يكون كفارة ما لم يجب إخراجه وجعله طعامًا للمساكين، ومالا يجوز صرفه إليهم لا يكون طعامًا لهم، فإن قلتَ: لمَ يُتصدَّق بلحمه ولا يُتصدَّق به وهو حي؟ قلتُ: لأن الله سمَّاه هديًا والهدي يجب ذبحه، ثم إنه يشق على الفقراء ذبحه فإن قلتَ: لمَ يُقوَّم المثل في البلد الذي قتل فيه الصيد أو قريبًا منه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك يُحقِّق العدالة، فلا يظلم الصائد، ولا الفقراء، فإن قلتَ: لِمَ جاز ذبح المثل في أي وقت سواء كان وقت أيام النحر أو لا؟ قلتُ: لأن الأمر بإخراج الجزاء الوارد في الآية مطلق في الأزمان؛ فلم يُقيَّد بوقت مُعيَّن، وهذا فيه توسعة على المسلمين، فإن قلتَ: لمَ لا تجوز الصدقة بثمن المثل؟ قلتُ: لأن الشارع في الآية قد خيَّرنا بين ثلاثة أمور ليس بينها "التصدُّق بثمن المثل" فيدل مفهوم العدد =